عن الطهور بلفظ موجز ولم يجز أن يقولوا : تغسلت للصلاة لأن ذلك يوهم الغسل قالوا بدله : تمسحت لأن المغسول من الأعضاء ممسوح أيضا قتجوزوا بذلك تعويلا على فهم المراد وذلك لايقتضى أن يكونوا جعلوا المسح من أسماء الغسل وأجيب عن الأول بانا لاننكر اختلاف فائدة اللفظين لغة وشرعا ولاتفرقة الله تعالى بين المغسول والممسوح من الأعضاء لكنا ندعى أن حمل المسح على الغسل فى بعض المواضع جائز وليس فى اللغة والشرع مايأباه على أنه قد ورد ذلك فى كلامهم وعن الثانى بأنا نقدر لفظ امسحوا قبل أرجلكم أيضا وإذا تعدد اللفظ فلا بأس بأن يتعدد المعنى ولامحذور فيه فقد نقل شارح زبدة الأصول من الإمامية أن هذا القسم من الجمع بين الحقيقة والمجاز جائز بحيث يكون ذلك اللفظ فى المعطوف عليه بالمعنى الحقيقى وفى المعطوف بالمعنى المجازى وقالوا : فى آية لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون ولاجنبا إلا عابرى سبيل : إن الصلاة فى المعطوف عليه بالمعنى الحقيقى الشرعى وهو الأركان المخصوصة وفى المعطوف بالمعنى المجازى وهو المسجد فانه محل الصلاة وادعى ذلك الشارح أن هذا نوع من الاستخدام وبذلك فسر الآية جمع من مفسر الإمامية وفقهائهم وعليهم فيكون هذا العطف من عطف الجمل فى التحقيق ويكون المسح المتعلق بالرءوس بالمعنى الحقيقى والمسح المتعلق با لأرجل بالمعنى المجازى على أن من أصول الامامية كالشافعية جواز الجمع بين القيقة والمجاز وكذا استعمال المشترك فى معنييه ويحتمل هنا إضمار الجار تبعا للفعل فتدبر ولايشكل أن الآية حينئذ إبهاما ويبعد وقوع ذلك فى التنزيل لأنا نقول : إن الآية نزلت بعد مافرض الوضوء وعلمه E روح القدس اياه فى ابتداء البعثة بسنين فلا بأس أن يستعمل فيها هذا القسم من الابهام فان المخاطبين كانوا عارفين بكيفية الوضوء ولم تتوقف معرفتهم بها على الاستنباط من الآية ولم تنزل الآية لتعليمهم بل سوقها لابدال التيمم من الوضوء والغسل فى الظاهر وذكر الوضوء فوق التيمم للتمهيد والغالب فيما يذكر لذلك عدم البيان المشبع وعن الثالث بأن حمل المسح على الغسل لداع لايستلزم حمل الغسل على المسح بغير داع فكيف يسقط الاستدلال ! سبحان الله تعالى هذا هو العجيب العجاب .
وعن الرابع بأنا لانسلم أن العدول عن تغسلت لايهامه الغسل فان تمسحت يوهم ذلك أيضا بناءا على ماقاله من أن المغسول من الاعضاء ممسوح أيضا سلمنا ذلك لم نقتصر فى الاستشهاد على ذلك ويكفى مسح الأرض المطر فى الفرض .
والوجه الثانى أن يبقى المسح على الظاهر وتجعل الأرجل على تلك القراءة معطوفة على المغسولات كما فى قراءة النصب والجر للمجاوره واعترض أيضا من وجوه : الأول والثانى والثالث ماذكره الإمام من عد الجر بالجوار لحنا وأنه إنما يصار إليه عند أمن فيما نحن فيه وكونه انا يكون بدون حرف العطف والرابع أن فى العطف على المغسولات سواء كان المعطوف منصوب اللفظ أو مجروره الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة أجنبية ليست اعتراضية وهو غير جائز عند النحاة على أن الكلام حينئذ من قبيل ضربت زيدا وأكرمت خالدا وبكرا بجعل بكر عطفا على زيد أو إرادة أنه مضروب لامكرم وهو مستهجن جدا تنفر عنه الطباع ولاتقبل الاسماع فكيف يجنح اليه أو يحمل كلام الله تعالى عليه ! وأجيب عن الأول بأن إمام النحاة الأخفش وأبا البقاء وسائر مهرة العربية وأئمتها جوزوا جر الجوار وقالوا بوقوعه فى الفصيح كما ستسمعه إن شاء الله تعالى ولم ينكره إلا الزجاج وإنكاره مع