شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج وقيل : إن العرف نقلها إلى التبعيض فى المتعدى والمفروض فى المسح عندنا مقدار الناصية وهو ربع الرأس من أى جانب كان فوق الأذنين لما روى مسلم عن المغيرة أن النبى صلى الله عليه وسلّم توضأ فمسح بناصيته والكتاب مجمل فى حق الكمية فالتحق بيانا له والشافعى رضى الله تعالى عنه يمنع ذلك ويقول : هو مطلق لامجمل فانه لم يقصد إلى كمية مخصوصة أجمل فيها بل إلى الاطلاق فيسقط عنده بأدنى مايطلق عليه مسح الرأس على أن فى حديث المغيرة روايتان : على ناصيته وبناصيته والأولى لاتقتض استيعاب الناصية لجواز كون ذكرها لدفع توهم أنه مسح على الفود أو القذال فلايدل على مطلوبكم ولو دل مثل هذا على الاستيعاب لدل مسح على الخفين عليه أيضا ولاقائل به هناك عندنا وعندكم وإذا رجعنا إلى الثانية كان محل النزاع فى الباء كالآية ويعود التبعيض ومن هنا قال بعضهم : الأولى أن يستدل برواية أبى داود عن أنس رضى الله تعالى عنه رأيت رسول الله A يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدحل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه وسكت عليه أبو داود فهو حجة وظاهره استيعاب تمام المقدم وتمام مقدم الرأس هوالربع المسمى بالناصية ومثله مارواه البيهقى عن عطاء أنه A توضأ فحسر العمامة ومسح مقدم رأسه أو قال ناصيته فانه حجة وإن كان مرسلا عندنا وكيف وقد اعتضد بالمتصل بقى شىء وهو أن ثبوت الفعل كذلك لايستلزم نفى جواز الأقل فلا بد من ضم الملازمة القائلة لوجاز الأقل لفعله مرة تعليما للجواز وقد يمنع بأن الجواز إذا كان مستفادا من غير الفعل لم يحتج اليه فيه وهنا كذلك نظرا إلى الآية فان الباء فيها للتبعيض وهو يفيد جواز الأقل فيرجع البحث إلى دلالة الآية فيقال حينئذ : إن الباء للالصاق وهو المعنى المجمع عليه لها بخلاف التبعبض فان الكثير من محققى اأئمة العربية ينفون كونه معنى مستقبلا للباء بخلاف ما إذا كان فى ضمن الإلصاق كما فيما نحن فيه إلصاق الآلة بالرأس الذى هو المطلوب لايستوعب الرأس فاذا ألصق فلم يستوعب خرج عن العهدة بذلك البعض وحينئذ فتعين الربع لأن اليد إنما تستوعب قدره غالبا فلزم .
وفى بعض الروايات إن المفروض مقدار ثلاث أصابع وصححها بعض المشايخ نظرا إلى أن الواجب إلصاق اليد والأصابع أصلها ولذا يلزم كمال دية اليد بقطعها والثلاث أكثرها وللأكثر حكم الكل ولايخفى ممافيه وإن قيل : إنه ظاهر الرواية وذهب الإمام مالك رضى الله تعالى عنه والإمام أحمد فى أظهر الروايات عنه إلى أنه يجب استيعاب الرأس بالمسح والإمامية إلى ماذهب اليه الشافعى رضى الله تعالى عنه ولو أصاب المطر قدر الفرض سقط عندنا ولايشترط إصابته باليد لأن الآلة لم تقصد إلا للايصال إلى المحل فحيث وصل استغنى عن استعمالها ولو مسح ببل فى يده لم يأخذه من عضو آخر جاز وإن أخذه لايجوز ولو مسح بإصبع واحدة مدها قدر الفرض وكذا باصبعين على ماقيل لايجوز خلافا لزفر وعللوه بأن البلة صارت مستعملة وهو على إشكاله بأن الماء لايصير مستعملا قبل الانفصال ليستلزم عدم جواز مد الثلاث على القول بأنه لايجزىء أقل من الربع والمشهور فى ذلك الجواز واختار شمس الأئمة أن المنع فى مد الأصبع والاثنتين غير معلل باستعمال البلة بدليل أنه لو مسح باصبعين فى التيمم لايجوز مع عدم شىء يصير مستعملا خصوصا إذا تيمم على الحجر الصلد بل الوجه عنده أنا مأمورون بالمسح باليد والاصبعان منها لاتسميان يدا بخلاف الثلاث لأنها أكثر ماهو الأصل فيها وهو حسن كما قال ابن الهمام