وإن كانت حربيات كماهو الظاهر وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : لايجوز نكاح الحربيات وخص الآية بالذميات واحتج له بقوله تعالى لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله والنكاح مقتضى للمودة لقوله تعالى خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة قال الجصاص : وهذا عندنا إنما يدل على الكراهة وأصحابنا يكرهون مناكحة أهل الحرب وذهبت الإمامية إلى أنه لايجوز عقد نكاح الدوام على الكتابيات لقوله تعالى : ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن ولقوله سبحانه : ولاتمسكوا بعصم الكوافر وأولوا هذه الآية بان المراد من المحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتى أسلمن منهن والمراد من المحصنات من المؤمنات اللاتى كن فى الأصل مؤمنات وذلك أن قوما كانوا يتحرجون من العقد على من أسلمت عن كفر فبين الله تعالى أنه لاحرج فى ذلك وإلى تفسير المحصنات بمن أسلمن ذهب ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أيضا ولايخفى أنه خلاف الظاهر ويأباه النظم ولذلك زعم بعضهم أن المراد هو الظاهر إلا أن الحل مخصوص بنكاح المتعة وملك اليمين ووطؤهن حلال بكلا الوجهين عند الشيعة وأنت تعلم أن هذا أدهى وأمر ولذلك هرب بعضهم إلى دعوى أن الآية منسوخة بالآيتين المتقدمتين آنفا احتجاجا بما رواه الجارود عن أبى جعفر رضى الله تعالى عنه فى ذلك ولايصح ذلك من طريق أهل السنة نعم أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن أصناف النساء إلا ماكان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الاسلام .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال : تزوجناهن زمن الفتح ونحن لانكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن .
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه سئل أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب فقال : ماله ولأهل الكتاب وقد أكثر الله تعالى المسلمات فان كان لابد فاعلا فليعمد اليها حصانا غير مسافحة قال الرجل : وما المسافحة قال : هى التى إذا لمح الرجل اليها بعينه اتبعته إذا اتيتموهن أجورهن أى مهورهن وهى عوض الاستمتاع بهن كما قاله ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وغيره وتقيد الحل بايتائها لتأكيد وجوبها لاللاحتراز ويجوز أن يراد بالإيتاء التعهد والالتزام مجازا ولعله أقرب من الأول وإن كان المآ ل واحدا و إذا ظرف لحل المحذوف ويحتمل أن تكون شرطية حذف جوابها أى إذا آتيتموهن أجورهن حللن لكم .
محصنين أى أعفاء بالنكاح وهو منصوب على الحال من فاعل آتيتموهن وكذا قوله تعالى : غير مسافحين وقيل : هو حال من ضمير محصنين وقيل : صفة لمحصنين أى غير مجاهرين بالزنا ولامتخذى أخدان أى ولامسرين به والخدن الصديق يقع على الذكر والانثى وقيل : الأول نهى عن الزنا والثانى نهى مخالطتهن و متخذى يحتمل أن يكون مجرورا عطفا على مسافحين وزيدت لالتأكيد النفى المستفاد من غير ويحتمل أن يكون منصوبا عطفا على غير مسافحين باعتبار أوجهه الثلاثة ومن يكفر بالايمان أى من ينكر المؤمن به وهو شرائع الاسلام التى من جملتها مابين هنا من الأحكام المتعلقة بالحل والحرمة ويمتنع عن قبولها فقد حبط عمله أى الذى عمله واعتقد أنه قربة له إلى الله تعالى