وفى البخارى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن المراد به الذبائح لان غيرها لم يختلف فى حله وعليه أكثر المفسرين وقيل : إنه مختص بالحبوب وما لايحتاج فيه إلى التذكية وهو المروى عند الامامية عن أبى عبد الله رضى الله تعالى عنه وبه قال جماعة من الزيدية فلا تحل ذبائحهم عند هؤلاء وحكم الصائبين حكم أهل الكتاب عند الإمام الأعظم رضى الله تعالى عنه وقال صاحباه : الصائبة صنفان : صنف يقرأون الزبور ويعبدون الملائكة وصنف لايقرأون كتابا يعبدون النجوم فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب وأما المجوس فقد سنة بهم سنة أهل الكتاب فى أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم لما روى عبد الرزاق وابن أبى شيبة والبيهقى من طريق الحسن بن محمد بن على قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فمن أسلم قبل ومن أصر ضربت عليهم الجزية غير ناكحى نسائهم وهو وإن كان مرسلا وفى إسناده قيس بن الربيع وهو ضعيف إلا أن اجماع أكثر المسلمين كما قال البيهقى عليه يؤكده واختلف العلماء فى حل ذبيحة اليهودى والنصرانى إذا ذكر عليها غير اسم الله تعالى كعزير وعيسى عليهما السلام فقال ابن عمر رضى الله تعالى عنهما : لاتحل وهو قول ربيعة وذهب أكثر أهل العلم إلى أنها تحل وهو قول الشعبى وعطاء قالا فان الله تعالى قد أحل ذبائحهم وهو يعلم مايقولون .
وقال الحسن : إذا ذبح اليهودى والنصرانى فذكر اسم غير اسم الله تعالى وأنت تسمع فلا تأكل فاذا غاب عنك فكل فقد أحل الله تعالى لك وطعامكم حل لهم قال الزجاج وكثير من المتأخرين : إن هذا خطاب للمؤمنين والمعنى لاجناح عليكم أيها المؤمنون أن تطعموا أهل الكتاب من طعامكم فلا تصلح الآية دليلا لمن يرى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة لأن التحليل حكم وقد علقه سبحانه بهم فيها كما علق الحكم بالمؤمنين واعترض على ظاهر بأنه إنما يتأتى لو كان الإطعام بد ل الطعام فن زعموا أن الطعام يقوم مقام الإطعام توسعا ورد الفصل بين المصدر وصلته بخبر المبتدأ وهو ممتنع فقد صرحوا بأنه لايجوز إطعام زيد حسن للمساكين وضربك شديد زيدا فكيف جاز وطعامكم حل لهم وعن بعضهم فان قيل : ماالحكمة فى هذه الجملة وهم كفار لايحتاجون إلى بياننا أجيب بأن المعنى انظروا إلى ماأحل لكم فى شريعتكم فان أطعموكموه فكلوه ولاتنظروا إلى ماكان محرما عليهم فان لحوم الابل ونحوها كانت محرمة عليهم ثم نسخ ذلك فى شريعتنا فالآية بيان لنا لا لهم أى اعلموا أن ماكان محرما عليهم مما هو حلال لكم قد أحل لكم أيضا ولذلك لو أطعومنا خنزيرا أو نحوه وقالوا : هو حلال فى شريعتنا وقد أباح الله تعالى لكم طعامنا كذبناهم وقلنا : إن الطعام الذى يحل لكم هو الذى لنا لاغيره فحاصل المعنى طعامهم حل لكم إذا كان الطعام الذى احللته لكم وهذا التفسير معنى قول السدى وغيره فافهمه فقد أشكل على بعض المعاصرين والمحصنات من المؤمنات عطف على الطيبات أو مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ماتقدم عليه أى حل لكم أيضا والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالا من المحصنات أو من الضمير فيها على ماقاله أبو اليقاء والمراد بهن عند الحسن والشعبى وإبراهيم العفائف وعند مجاهد الحرائر واختاره أبو على وعند جماعة العفائف والحرائر وتخصيصهن بالذكر للبعث على ماهو أولى لالنفى ماعدا فان نكاح الأماء المسلمات بشرطه صحيح بالاتفاق وكذا نكاح غير العفائف منهن وأما الأماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند الامام الاعظم رضى الله تعالى عنه وامحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم