الموت الذى هو آخر أمر كل حى وهي أيضا آخر مانزل من الاحكام والله بكل شىء من الأشياء التى من جملتها أحوالكم المتعلقة بمحياكم وممتاكم عليم مبالغ فى العلم فيبين لكم مافيه مصلحتكم ومنفعتكم .
هذا ومن باب الاشارة فى الآيات إن الذين كفروا ستروا مااقتضاه استعدادهم وصدوا ومنعوا غيرهم عن سلوك سبيل الله أى الطريق الموصلة اليه قد ضلوا ضلالا بعيدا لحرمانهم أنفسهم وغيرهم عما فيه النجاة إن الذين كفروا وظلموا منعوا استعدادهم عن حقوقها من الكمال بارتكاب الرذائل لم يكن الله ليغفر لهم لبطلان استعدادهم ولاليهديهم طريقا لجهلهم المركب واعتقادهم الفاسد إلا طريق جهنم وهى نيران أشواق نفوسهم الخبيثة وكان ذلك على الله يسيرا لانجذابهم اليها بالطبيعة ياأهل الكتاب لاتغلوا فى دينكم نهى اليهود والنصارى عند الكثيرين من ساداتنا وقد غلا الفريقان فى دينهم أما اليهود فتعمقوا فى الظاهر ونفى البوطن فحطوا عيسى عليه السلام عن درجة النبوة والتخلق بأخلاق الله تعالى وأما النصارى فتعمقوا فى البوطن ونفى الظواهر فرفعوا عيسى عليه السلام إلى درجة الألوهية ولاتقولوا على الله إلا الحق بالجمع بين الظواهر والبواطن والجمع والتفضيل كما هو التوحيد المحمدى إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله الداعى اليه وكلمته ألقاها إلى مريم أى حقيقته من حقائقه الدالة عليه وروح منه أى أمر قدسي منزه عن سائر النقائص وذكر الشيخ الأكبر قدس سره أن سبب تخصيص عيسى عليه السلام بهذا الوصف أن النافخ له من حيث الصورة الجبريلية هو الحق تعالى لاغيره فكان بذلك روحا كاملا مظهرا لاسم الله تعالى صادرا من اسم ذاتى ولم يكن صادرا من الاسماء الفرعية كغيره وماكان بينه وبين الله تعالى وسائط كما فى أرواح الأنبياء غيره عليهم الصلاة والسلام فان أرواحهم وإن كانت من حضرة اسم الله تعالى لكنها بتوسط تجليات كثيرة من سائر الحضرات الأسمائية فما سمى عيسى عليه السلام روح الله تعالى وكلمته إلا لكونه وجد من باطن أحدية جمع الحضرة الآلهية ولذلك صدرت منه الأفعال الخاصة بالله تعالى من إحياء الموتى وخلق الطير وتأثيره فى الجنس العالى الدون وكانت دعوته عليه السلام إلى الباطن والعالم القدسى فان الكلمة إنما هى من باطن اسم الله تعالى جسمه من الأقذار الطبيعية لأنه روح متجسدة فى بدن مثالى روحانى إلى آخر ماذكره الإمام الشعرانى فى الجواهر والدرر فآمنوا بالله ورسله بالجمع والتفصيل ولاتقولوا ثلاثة لأن ذلك ينافى التوحيد الحقيقى وعيسى عليه السلام فى الحقيقة فان وجوده بوجود الله تعالى وحياته جل شأنه وعلمه عليه السلام بعلمه سبحانه إنما الله إله واحد وهو الوجود المطلق حتى عن قيد الاطلاق سبحانه أن يكون له ولد أىأنزهه عن أن يكون موجود غيره متولد منه مجالس له فى الوجود له مافى السموات ومافى الارض أى مافى سموات الأرواح وأرض الأجساد لأنها مظاهر أسمائه وصفاته عز شأنه لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله فى مقام التفصيل إذ كل ماظهر فهو ممكن والممكن لاوجود له بنفسه فيكون عبدا محتاجا ذليلا مفتقرا غير مستنكف عن ذلة العبودية ولا الملائكة المقربون الذين هم أرواح مجردة وأنوار قدسية محضة وأما فى مقام الجمع فلا عيسى ولاملك ولاقرب ولابعد ولا ولا 0000 .
ومن يستنكف عن عبادته بظهور أنانيية ويستكبر بطغيانه فى الظهور بصفاتهفسيحشرهم اليه جميعا