به مسلك العطف المبنى على تغاير الطرفين الطرفين تنزيلا للمغايرة العنوانية منزلة المغايرة الذاتية وإطلاق البرهان عليه لأنه أقوى دليل على صدق من جاء به وإطلاق النور المبين لأنه بين بنفسه مسنغن فى ثبوت حقيته وكونه من الله تعالى باعجازه إلى غير مبين لغيره من حقية الحق وبطلان الباطل مهدى للخلق بإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الايمان وعبر عن ملابسته للمخاطبين تارة بالمجىء المسند اليه المنبىء عن كمال قوته فى البرهانية كأنه يجىء بنفسه فيثبت مايثبت من غير أن يجىء به أحد ويجىء على شبه الكفرة بالابطال والأخرى بالانزال الموقع عليه الملائم لحيثية كونه نورا له باعتبار كل واحد من عنوانيه حظه اللائق به وإسناد إنزاله اليه تعالى الالتفات لكمال تشريفه قاله مولانا شيخ الاسلام والأمر على غير ذلك التقدير هين فأما الذين امنوا بالله حسبما يوجبه البرهان الذى جاءهم واعتصموا به أى عصموا به سبحانه أنفسهم مما يرديها من زيغ الشيطان وغيره .
وأخرج ابن جرير وغيره ابن جريج أن الضمير راجع إلى القرآن أعنى النور المبين وهو خلاف الظاهر فسيدخلهم فى رحمة الله أى ثواب عظيم قدره بإزاء إيمانهم وعملهم رحمة منه سبحانه لاقضاءا لحق واجب وعن عباس رضى الله تعالى عنهما أن المراد بالرحمة الجنة فعلى الأول التجوز فى كلمة فى لتشبيه عموم الثواب وشموله بعموم الظرف وعلى الثانى التجوز فى المجرور دون الجار قاله الشهاب والبحث فى ذلك شهير و منه متعلق بمحذوف وقع صفة مشرفة لرحمة وفضل أى إحسان لايقادر قدره زائد على ذلك .
ويهديهم إليه أى إلى الله D والمراد فى المشهور إلى عبادته سبحانه وقيل الضمير عائد على جميع ماقبله باعتبار أنه موعود وقيل : على الفضل صراطا مستقيما .
175 .
- هو الاسلام والطاعة فى الدنيا وطريق الجنة فى الاخرى وتقديم ذكر الوعد بالادخال فى الرجمة الثواب أو الجنة على الوعد بهذه الهداية للمسارعة إلى التبشير بما هو المقصد الاصلى .
وفى وجه انتصاب صراطا أقوال فقيل : إنه مفعول ثان لفعل مقدر أى يعرفهم صراطا وقيل إنه مفعول ثان ليهديهم باعتبار تضمينه معنى يعرفهم وقيل : مفعول ثان له بناءا على أن الهداية تتعدى الى مفعولين حقيقة .
ومن الناس من جعل اليه متعلقا بمقدر أى مقربين اليه أو مقربا إياهم اليه على أنه حال من الفاعل أو المفعول ومنهم من جعله حالا من صراطا ثم قال : ليس لقولنا : يهديهم طريق الاسلام إلى عبادته كبير معنى فالأوجه أن يجعل صراطا بدلا من اليه وتعقبه عصام الملة والدين بأن قولنا : يهديهم طريق الاسلام موصلا إلى عبادته معناه واضح ولاوجه لكون صراطا بدلا من الجار والمجرور فافهم يستفتونك أى فى الكلالة استغن عن ذكره لوروده فى قوله تعالى : قل الله يفتيكم فى الكلالة والجار متعلق ب يستفتونك وضعفه أبو البقاء بأنه لو كان كذلك لقال يفتيكم فيها فى الكلالة وقد مر تفسير الكلالة فى مطلع السورة والآية نزلت فى جابر بن عبد الله كما أخرجه عنه ابن أبى حاتم وغيره