المقربين عليهم السلام وقد ترك ذكر أحد المقربين فى المفصل تعويلا على إنباء التفصيل عنه وثقة اقتضاء حشر أحدهما لحشر الآخر ضرورة عموم الحشر للخلائق أجمعين كما ترك ذكر ذلك أحد الفريقين فى التفصيل عند قوله تعالى : فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به مع عموم الخطاب لهما ثقة بمثل ذلك فلا يقال : التفصيل غير مطابق للمفصل لأنه اشتمل على الفريقين والمفصل على فريق واحد وقيل فى توجيه المطابقة : إن المقصود من الحشر المجازاة ويكون قوله تعالى : فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم الخ تفصيلا للجزاء كأنه قيل : ومن يستنكف عن عبادته فسيعذب بالحسرة اذا رأى أجور العالمين وبما يصيبه من عذاب الله تعالى فالضمير راجع إلى المستنكفين المستكبرين لاغير وقد روعى لفظ من ومعناها .
وتعقب العلامة التفتازانى ذلك بأنه غير مستقيم لأن دخول أما على الفر يقين لا على قسمى الجزاء وأورد هذا الفريق بعنوان الإيمان والعمل الصالح لابوصف عدم الاستنكاف المناسب لما قبله ومابعده للتنبيه على أنه المستتبع لما يعقبه من الثمرات ومعنى توفيتهم أجورهم إيتاؤهم إياها من غير أن ينقص منها شيئا أصلا وقرىء فسيحشرهم بكسر الشين وهى لغة وقرىء فسنحشرهم بنون العظمة وفيه التفات ويزيدهم من فضله بتضعيف أجورهم أضعافا مضاعفة وبإعطائهم مالا عين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر .
وأخرج ابن النذر وابن أبى حاتم والطبرانى وابن مردويه وأبو نعيم فى الحلية والاسماعيلى فى معجمه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : يوفيهم أجورهم يدخلهم الجنة ويزيددهم من فضله الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع اليهم المعروف فى الدنيا وأما الذين استنكفوا عن عبادة الله تعالى واستكبروا عنها فيعذبهم بسبب ذلك عذابا أليما لايحيط به الوصف ولايجدون من دون الله وليا يلى أمورهم ويدبر مصالحهم ولانصيرا .
173 .
- ينصرهم من بأسه تعالى وينجيهم من عذابه سبحانه ياأيها الناس خطاب لكافة المكلفين إثر بيان بطلان ماعليه الكفرة من فنون الكفر والضلال وإلزامهم بما تخر له صم الجبال وفيه تنبيه لهم على أن الحجة قد تمت فلم يبق بعد ذلك علة لمتعلل ولاعذر لمعتذر قد جاءكم أتاكم ووصل اليكم برهان من ربكم أى حجة قاطعة والمراد بها المعجزات على ماقيل .
وأخرج ابن عسكر عن سفيان الثورى عن أبيه عن رجل لايحفظ اسمه إن المراد بالبرهان هو النبى A وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وعبر عنه E بذلك لما معه من المعجزات التى تشهد بصدقه A وقيل المراد بذلك دين الحق الذى جاء به النبى A والتنوين للتفخيم و من لابتداء الغاية مجازا وهى متعلقة بجاء أو بمحذوف وقع صفة مشرفة لبرهان مؤكدة لما أفاده التنوين وجوز أن تكون تبعيضية بحذف المضاف أى كائن من براهين ربكم والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لاظهار اللطف بهم والايذان بأن مجىء ذلك لترتيبهم وتكميلهم .
وأنزلنا اليكم بواسطة النبى A وفى عدم ذكر الواسطة إظهار لكمال اللطف بهم ومبالغة فى الاعذار نورا مبينا .
174 .
- وهو القرآن كما قاله قتادة ومجاهد والسدى واحتمال إرادة الكتب السابقة الدلة على نبوته A بعيد غاية البعد وإذا كان االمراد من البرهان القرآن أيضا فقد سلك