متعلق بقوله تعالى : بل رفعه الله أى بل رفعه سبحانه إليه يقينا ورده فى البحر بأنه قد نص الخليل على أنه لايعمل مابعد بل فيما قبلها : والكلام رد وإنكار لقتله وإثبات لرفعه E وفيه تقدير مضاف عند أبى حيان أى إلى سمائه قال : وهو حى فى السماء الثانية على ماصح النبى صلى الله عليه و سلم فى حديث المعراج وهو هنالك مقيم حتى ينزل الى الأرض يقتل الدجال ويمؤلها عدلا كما ملئت جورا ثم يحيا فيها أربعين سنة أو تمامها من سن رفعه وكان إذ ذاك ابن ثلاث وثلاثين سنة ويموت كما تموت البشر ويدفن فى حجرة النبى صلى الله عليه و سلم أو فى بيت المقدس وقال قتادة : رفع الله تعالى عيسى عليه السلام اليه فكساه الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فطار مع الملائكة فهو معهم حول العرش فصار إنسيا ملكيا سماويا أرضيا وهذا الرفع على المختار كان قبل صلب الشبه وفى إنجيل لوقا مايؤيده : وأما رؤية بعض الحواريين له عليه السلام بعد الصلب فهو من باب تطور الروح فان للقدسيين قوة التطور فى هذا العالم وإن رفعت أرواحهم إلى المحل الأسنى وقد وقع التطور لكثير من أولياء هذه الأمة وحكاياتهم فى ذلك يضيق عنها نطاق الحصر وكان الله عزيزا لايغلب فيما يريده حكيما .
158 .
- فى جميع أفعاله فيدخل فيه تدبيراته سبحانه فى أمر عيسى عليه السلام وإلقاء الشبه على من ألقاه دخولا أوليا وإن من أهل الكتاب أى اليهود خاصة كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أوهم والنصارى كما ذهب اليه كثير من المفسرين وإن نافية بمعنى ما وفى الجار والمجرور وجهان : أحدهما أنه صفة لمبتدأ محذوف وقوله تعالى : إلا ليؤمنن به قبل موته جملة قسمية والقسم مع جوابه خبر المبتدأ ولايرد عيه أن القسم إنشاء لأن المقصود بالخبر جوابه وهو خبر مؤكد بالقسم ولاينافيه كون جواب القسم لامحل له لأن ذلك من حيث كونه جوابا فلا يمتنع كون له محل باعتبار آخر لو سلم أن الخبر ليس هو المجموع والتقدير وما أحد من أهل الكتاب إلا والله ليؤمنن به والثانى أنه متعلق بمحذوف وقع خبرا لذلك المبتدأ وجملة القسم صفة له لاخبر والتقدير وإن أحد إلا ليؤمنن به كائن من أهل الكتاب ومعناه كل رجل يؤمن به قبل موته من أهل الكتاب وهو كلام مفيد فالاعتراض على هذا الوجه بأنه لاينتظم من أحد والجار والمجرور إسناد لأنه يفيد لحصول الفائدة بلا ريب نعم المعنى على الوجه الأول كل رجل من أهل الكتاب يؤمن به قبل موته والظاهر أنه المقصود وأنه أتم فائدة والاستثناء مفرغ من أعم الأوصاف وأهل الكوفة يقدرون موصولا بعد الا وأهل البصرة يمنعون حذف الموصول وابقاء صلته والضمير الثانى راجع للمبتدأ المحذوف أعنى أحد والأول لعيسى عليه السلام فمفاد الآية أن كل يهودى ونصرانى يؤمن بعيسى عليه السلام قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله تعالى ورسوله ولاينفعه إيمانه حينئذ لأن ذلك الوقت لكونه ملحقا بالبرزخ لما أنه ينكشف عنده لكل الحق ينقطع فيه التكليف ويؤيد ذلك أنه قرأ أبى ليؤمنن به قبل موتهم بضم النون وعود ضمير الجمع لأحد ظاهر لكونه فى معنى الجمع وعوده لعيس عليه السلام غير ظاهر .
وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه فسر الآية كذلك فقيل له : أرأيت ان خر من فوق بيت قال : يتكلم به فى الهواء فقيل : أرأيت ان ضرب عنقه قال : يتلجلج بها لسانه وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه فسر الآية فقيل له أرأيت إن خر من فوق بيت قال : يتكلم به فى الهواء فقيل : أرأيت إن ضرب عنقه قال : يتلجلج بها لسانه .
وأخرج ابن المنذر أيضا عن شهر بن حوشب قال : قال لى الحجاج : ياشهر آية من كتاب الله تعالى