بحمله فى الأخيرين على مأشرنا اليه وفى الأول على الكفر بموسى عليه السلام لاقترانه بنقض الميثاق وتقدم حديث العدو فى السبت وقولهم على مريم بهتانا عظيما لايقادر قدره حيث نسبوها وحاشاها إلى ماهى عنه فى نفسها بألف ألف منزل وتمادوا على ذلك غير مكترثين بقيام المعجزة بالبراءة والبهتان الكذب الذي يتحير من شدته وعظمه ونصبه على أنه مفعول به لقولهم وجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أى قولا بهتانا وقيل : هو مصدر فى موضع الحال أى مباهتين وقولهم على سبيل التبجح .
إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله ذكروه بعنوان الرسالة تهكما واستهزاءا كما فى قوله تعالى حكاية عن ةالكفار : ياأيها الذي نزل عليه الذكر الخ ويحتمل أن يكون ذلك منهم بناءا على قوله E وإن لم يعتقدوه وقيل : إنهم وصفوه بغير ذلك من صفات الذم فغير فى الحكاية فيكون من الحكاية لامن المحكى وقيل : هو استئناف منه مدحا E ورفعا لمحله وإظارا لغاية جراءتهم فى تصديهم لقتله ونهاية وقاحتهم فى تبجحهم وماقتلوه وماصلبوه حال أواعتراض ولكن شبه لهم روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن رهطا من اليهود سبوه عليه السلام وأمه فدعا عليهم فمسخوا قردة وخنازير فبلغ ذلك يهوذا رأس اليهود فخاف فجمع اليهود فاتفقوا على قتله فساروا اليه ليقتلوه فأدخله جبريل عليه السلام بيتا ورفعه منه إلى السماء ولم يشعروا بذلك فدخل عليه طيطانوس ليقتله فلم يجده وأبطأ عليهم وألقى الله تعالى عليه شبه عيسى عليه السلام فلما خرج قتلوه وصلبوه .
وقال وهب بن منبه فى خبر طويل رواه عنه ابن المنذر : أتى عيسى عليه السلام ومعه سبعة وعشرون من الحواريون فى بيت فأحاطوا بهم فلما دخلوا عليهم صيرهم الله تعالى كلهم على صورة عيسى عليه السلام فقالوا لهم : سحرتمونا ليبرز لنا عيسى عليه السلام أو لنقتلنكم جميعا فقال عيسى لأصحابه : من يشترى نفسه منكم اليوم بالجنة فقال رجل منهم : أنا فخرج إليهم فقال : أنا عيسى عليه فقتلوه وصلبوه ورفع الله تعالى عيسى عليه السلام وبه قال قتادة والسدى ومجاهد وابن إسحق وإن اختلفوا فى عدد الحواريين ولم يذكر أحد غير وهب أن شبهه عليه السلام ألقى على جميعهم بل قالوا : ألقى شبهه على واحد ورفع عيسى عليه السلام من بينهم .
ورجح الطبرى قول وهب وقال : انه الأشبه وقال أبو على الجبائى : إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا فقتلوه وصلبوه على موضع عال ولم يمكنوا أحدا من الدنو منه فتغيرت حليته وقالوا : إنا قتلنا عيسى ليوهموا بذلك على عوامهم لأنهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي به عيسى عليه السلام فلما دخلوه ولم يجدوه فخافوا أن يكون ذلك سببا لايمان اليهود ففعلوا مافعلوا وقبل : كان رجل من الحوايين ينافق عيسى عليه السلام فلما أرادوا قتله قال : أنا أدلكم عليه وأخذ على ذلك ثلاثين درهما فدخل بيت عيسى عليه السلام فرفع عليه السلام وألقى شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى عليه السلام وقيل : عير ذلك و شبه مسند الى الجار والمجرور والمراد وقع لهم تشبيه بين عيسى عليه السلام ومن صلب أو فى الأمر على قول الجبائى أو هو مسند إلى ضمير المقتول الذى دل عليه إنا قتلنا أى شبه لهم من قتلوه بهيسى عليه السلام أو الضمير للامر و شبه من الشبهة أى التبس عليهم الأمر بناءا على ذلك ةالقول وليس المسند اليه ضمير المسيح E لأنه مشبه به لامشبه وإن الذين اختلفوا فيه أى فى شأن عيسى عليه السلام فإنه لما وقعت تلك