متوافقان فى العروض أحدهما بالكفر والآخر بالنقض وقيل : هو متعلق بلا يؤمنون والفاء زائدة وقيل : بما دل عليه ولايخفى رد ذلك وكفرهم بآيات الله أى حججه الدالة على صدق أنبيائه عليهم الصلاة والسلام والقرآن أو فى كتابهم لتحريفه وإنكاره وعدم العمل به وقتلهم الأنبياء بغير حق كزكريا ويحيى عليه السلام وقولهم قلوبنا غلف جمع غلاف بمعنى الظرف وأصله غلف بضمتين فخفف أى أوعية للعلم فنحن مستغنون بما فيها عن غيره وقاله ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وعطاء وقال الكلبى : يعنون إن قلوبنا بحيث لايصل اليها شىء إلا وعته ولو كان فى حديثك شىء لوعته أيضا ويجوز أن يكون جمع أغلف أى هى مغشاة بأغشية خلقية لايكاد يصل اليها ماجاء به محمد صلى الله عليه و سلم فيكون كقوله تعالى : وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا اليه .
بل طبع الله عليها بكفرهم كلام معترض بين المعطوفين جىء به على وجه الاستطراد مسارعة إلى رد زعمهم الفاسد أى ليس الأمر كما زعمتم من أنها أوعيه العلم فانها مطبوع عليها محجوبة من العلم لم يصل اليها شىء منه كالبيت المقفل المختوم عليه والباء للسببية وجوز أن تكون للآلة ويجوز أن يكون المعنى ليس عدم وصول الحق إلى قلوبكم لكونها فى أكنة وحجب خلقية كما زعمتم بل لأن الله تعالى ختم عليها بسبب كفركم الكسبى وهذا الطبع بمعنى الخذلان والمنع من التوفيق للتدبر فى الآيات والتذكر بالمواعظ عند الكثير وطبع حقيقى عند البعض وأيد بما أخرجه البزاز عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : الطابع معلق بقائمة العرش فاذا انتهكت الحرمة وعمل بالمعاصى واجترىء على الله تعالى بعث الله تعالى الطابع فطبع على قلبه فلا يعقل بعد ذلك شيئا وأخرجه البهقى أيضا فى الشعب الا أنه ضعفه .
فلايؤمنون إلاقليلا نصب على أنه نعت لمصدر محذوف أى إلا ايمانا قليلا فهو كالتصديق بنبوة موسى عليه السلام وهو غير مفيد لأن الكفر بالبعض كفر بالكل كما مر أو صفة لزمان محذوف أى زمانا قليلا أو نصب على الاستثناء من ضمير لايؤمنون أى إلا قليلا منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه ورده السمين بأن الضمير عائد على المطبوع على قلوبهم ومن طبع على قلبه بالكفر لايقع منه إيمان وأجيب بأن المراد بما مر الاسناد إلى الكل ماهو للبعض باعتبار الأكثر .
وقال عصام الملة : كما يجب استثناء القليل من عدم الايمان المتفرع على الطبع على قلوبهم يجب استثناء قليل من القلوب من قلوبهم فكأن المراد بل طبع الله تعالى على أكثرها فليفهم وبكفرهم عطف على بكفرهم الذي قبله ولايتوهم أنه من عطف الشىء على نفسه ولافائدة فيه لأن المراد بالكفر المعطوف الكفر بعيسى عليه السلام والمراد بالكفر المعطوف عليه إما الكفر المطلق أو الكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم لاقترانه بقوله تعالى : قلوبنا غلف وقد حكى الله تعالى عنهم هذه المقالة فى مواجهتهم اله E فى مواضع ففى العطف إيذان بصلاحية كل من الكفرين للسببية .
وقد يعتبر فى جانب المعطوف المجموع ومغايرته للفرد المعطوف عليه ظاهرة أو عطف على فبما نقضهم ويجوز اعتبار عطف مجموع هذا وماعطف عليه على مجموع ماقبله ولايتوهم المحذور وإن قلنا باتحاد الكفر أيضا لمغايرة المجموع للمجموع وإن لم يغاير بعض أجزائه بعضا وقد يقال بمغايرة الكفر فى المواضع الثلاثة