بسم الله الرحن الرحيم لا يحب الله الجهر بالسوء من القول عدم محبته سبحانه لشىء كناية عن غضبه والباء متعلقة بالجهر وموضع الجار والمجرور نصب أو رفع و من متعلقة بمحذوف وقع حالا من السوء والجهر بالشىء الاعلان به ولاظهار كما يفهم من القاموس وفى الصحاح : جهر بالقول رفع صوته به ولعل المراد هنا الإظهار وإن لم يكن برفع صوت أى لايحب الله سبحانه أن يعلن أحد بالسوء كائنا من القول إلا من ظلم أى إلا جهر من ظلم فانه غير مسخوط عنده تعالى وذلك بأن يدعو على ظالمه أو يتظلم منه ويذكره بما فيه من السوء وروى عن أبن عباس رضى الله تعالى عنهما وقتادة هو أن يدعوا على من ظلمه وعن مجاهد أن المراد لايحب الله سبحانه أن يذم أحد أحدا أو يشكوه إلا من ظلم فيجوز أن يشكو ظالمه ويظهر أمره ويذكره بسوء ماقد صنعه وعن الحسن والسدى وهو المروى عن أبى جعفر رضى الله تعالى عنه المراد لايحب الله الشتم فى الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الانتصار به فى الدين وجوز الحسن للرجل إذاقيل له : يازانى أن يقابل القائل بمثل ذلك وأخرج ابن جرير عن مجاهد أن رجلا ضاف قوما فلم يطعموه فاشتكاهم فعوقب عليه فنزلت وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وروى عن ابن عباس رضى تعالى عنهما وأبى وابن جبير والضحاك وعطاء أنمم قرءوا إلا من ظلم على البناء للفاعل فالاستثناء منقطع والمعنى لكن الظالم يحبه أو لكنه يفعل ما لايحبه الله تعالى فيجهر بالسوء والموصول فى محل نصب وجوز الزمخشرى أن يكون مرفوعا بالابدال من فاعل يحب كأنه قيل : لايحب الجهر بالسوء إلا الظالم على لغة من يقول : ماجاءنى زيد إلا عمرو بمعنى ماجاءنى إلا عمرو ومنه لايعلم من فى السموات والارض الغيب إلاالله وهى لغة تميمية وعليها يقول الشاعر : عشية ماتغنى الرماح مكانها ولا النبل إلا المشرفى المصمم وقد نقل هذه اللغة سيبويه وأنكرها البعض وكفى بنقل شيخ الصناعة سندا للمثبت نقل عن أبى حيان أنه ليس البيت كالمثال لانه قد يتحيل فيه عموم على معنى السلاح وأما زيد فلا يتوهم فيه عموم ولايمكن تصحيحه إلا على أن أصله ماجاءنى زيد ولاغيره فحذف المعطوف لدلالة الاستثناء وكذا الآية التى ذكرت ورد كما قال الشهاب بأنه كان التقدير ماذكره فى المثال لكان الاستثناء متصلا والمفروض خلافه وأن المراد كما يفهمه الطيبى جعل المبدل منه بمنزلة غير المذكور حتى كأن الاستثناء مفرغ والنفى عام إلا أنه صرح بنفى بعض أفراد العام لزيادة اهتمام بالنفى عنه أو لكونه مظنة توهم الاثبات فيقولون : ماجاءنى زيد إلا عمرو والمعنى ماجاءنى إلا عمرو فكذا ههنا المعنى لايحب الجهر بالسوء إلا الظالم فأدخل لفظ الله تأكيدا لنفى