محبته تعالى يعنى سبحانه اختاص فى عدم محبته ليس لأحد غيره ذلك .
فان قليل مابعد إلا حينئذ لايكون فاعلا وهو ظاهر فتعيين البدل وهو غلط أجيب بأنه إنما يكون غلطا لو لم يكن هذا الخاص فى موقع العام ولم يكن المعنى إلا ماجاءنى إلا عمرو فان قيل فيكون لفظ الله مجازا عن أحد ولاسبيل اليه أجيب بأن لايحب الله مؤل بلا يحب أحد واقع موقعه من غير تجوز فى لفظ الله كذا قيل : وتعقبه الشهاب بأن المستثنى منه إذا كان عاما فاما بتقدير لفظ كما ذكره أبو حيان واما بالتجوز فى لفظ العلم وكلاهما مر مافيه ولاطريق آخر للعموم فما ذكره المجيب لابد من بيان طريقه اللهم إلا أن يقال : إن الاستثناء من العلم يشترط فيه أن يكون صاحبه أحق بالحكم بحيث إذا نفى عنه يعلم نفيه عن غيره بالطريق الأولى من غير تقدير ولاتجوز فيقال هنا مثلا : إذا لم يحب الله سبحانه الجهر بالسوء وهو الغنى عن جميع الأشياء فغيره لايحبه بطريق من الطرق وأنت تعلم أن هذا لايشفى الغليل لأن الاشتراط المذكور ممالم يقيم عليه دليل على أن دعوى كون نفى حب الجهر بالسوء عنه تعالى يعلم منه نفيه عن غيره بالطريق الأولى فى غاية الخفاء فالأولى ماذكره بعد أن يقال يقدر فى الكلام ماذكر لكنه عد الاستثناء منقطعا بحسب المتبادر والنظر الى الظاهر .
وجوز على قراءة المعلوم أن يكون متعلقا بالسوء أى إلا سوء من ظلم فيجب الجهر به ويقبله وقيل : انه متعلق بقوله تعالى : مايفعل الله تعالى ان شكرتم وأمنتم فقد روى عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقول هذا على التقديم والتأخير أى مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلا من ظلم وكان يقرأها كذلك ولايكاد يقبل هذا فى تخريج كلام الله تعالى العزيز وكان الله سميعا بجميع المسموعات فيندرج فيها كلام المظلوم والظالم عليما .
148 .
- بجميع المعلومات التى من جماتها حال المظروم والظالم والجملة تذييل مقرر لما يفيده الاستثناء ولايأبى ذلك التعميم كما توهم .
ووجه ربط هذه الآية بما قبلها على ماقاله العلامة الطبيى أنه سبحانه لما فرغ من بيان إيراد رحمته وتقرير إظهار رأفته جاء بقوله جل وعلا : لايحب الله الجهر بالسوء تتميما لذلك وتعليما للعباد التخلق بأخلاقه جل جلاله وفيه إن هذا مما لامحصل له ولاتتم به المناسبة وزعم أن الآية الأولى فيها أيضا إشارة إلى تعليم التخلق بالأخلاق العلية كما قرره عصام الملة ورجا أن يكون من الملهمات وحينئذ يشتركان فى أن كلا منهما متضمنا التعليم المذكور ليس بشىء كما لايخفى ومثل ذلك ماذكره على بن عيسى فى وجه الاتصال وهو أنه تعالى شأنه لما ذكر أهل النفاق وهو إظهار خلاف مايبطن بين جل وعلا أن مافى النفس منه مايجوز إبطانه ومنه مايجوز إظهاره وقال شهاب الدين : الظاهر أنه لما ذكر الشكر على وجه علم منه رضاه سبحانه به ومحبة إظهاره تممه D بذكر ضده فكأنه قيل : انه يحب الشكر وإعلانه ويكره السوء وإعلانه وفيه احتباك بديع إن تبدو أى تظهروا خيرا أى خير كان من الأقوال والأفعال وقيل : المراد إن تبدوا جميلا حسنا من القول فيمن أحسن اليكم شكرا له على إنعامه عليكم وقيل : المراد بالخير المال والمعنى إن تظهروا التصدق أوتخفوه أى تفعلوه سرا وقيل : تزعموا على فعله أو نعفوا عن سوء أى تصفحوا عمن أساء اليكم مع ماسوغ لكم من مؤاخذته وأذن فيها والتنصيص على هذا مع اندراجه