هي أشرف الفضائل قوامين بحقوقها بحيث تكون ملكة راسخة فيهم لايمكن معها جور فى شىء ولاظهور صفة نفس لاتباع هوى فى جلب نفع دنيوى أو رفع مضرة كذلك ثم قال جل علا : ياأيها الذين آمنوا من حيث البرهان آمنوا من حيث البيان الى أن تؤمنوا من حيث العيان أو ياأيها الذين آمنوا بالايمان التقليدى آمنوا بالايمان العينى أو المراد ياأيها المدعون تجريد الايمان لى من غير وساطة لاسبيل لكم إلى الوصول الى عين التجريد إلا بقبول الوسائط فالآية إشارة إلى الفرق بعد الجمع إن الذين آمنوا بالتقليد ثم كفروا إذ لم يكن للتقليد أصل ثم آمنوا بالاستدلال العقلى ثم كفروا إذ لم تكن عقولهم مشرفة بالنور الالهى ثم ازادوا كفرا بالشبهات والاعتراضات وقد يكون ذلك إشارة إلى وصف أهل التردد فى سلوك سبيل أولياء الله تعالى والايمان بأحوالهم حين هاجت رغبتهم إلى رياسة القوم فلما جن عليهم ليل المجاهدات لم يتحملوا وانكروا ورجعوا إلى حظوظ أنفسهم ولما رأوا نهاية الأكابر وظنوا اللحوق بهم لو استقاموا وآمنوا فلما يصلوا إلى شىء من مقامات القوم وكراماتهم لعدم إخلاصهم وسوء استعدادهم ارتدوا وصاروا منكرين عليهم وعلى مقاماتهم وازادوا إنكارا حين رجعوا إلى اللذات والشهوات واختاروا الدنيا على الآخرة وجعلوا يقولون للخلق : إن هؤلاء ليسوا على الحق فقد سلكنا ما سلكوا وخضنا ماخاضوا فلم نرى إلا سرابا بقيعة وهذا حال كثير من علماء السوء المنكرين على القوم قدس الله أسراهم ماكان الله ليغفر لهم لمكان الريب الحاجب وفساد جوهر القلب وزوال الاستعداد ولا ليهديهم سبيلا إلى الحق ولا إلى الكمال لعدم قبولهم ذلك الذين يتخذون الكافرين أولياء لمناسبتهم إياهم وشبيه الشىء منجذب اليه من دون المؤمنين لعدم الجنسية أيبتغون عندهم العزة أى يطلبون التعزز بهم فى الدنيا والتقوى بمالهم وجاههم فان العزة لله جميعا فلا سبيل لهم اليها إلا منه سبحانه D ثم ذكر سبحانه من وصف المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى لعدم شوقهم إلى الحضور ونفورهم عنه لعدم استعدادهم واستيلاء الهوى عليهم يراءون الناس لاحتجاجهم بهم عن رؤية الله تعالى ولايذكرون الله إلا قليلا لأنهم لايذكرونه إلا باللسان وعند حضورهم بين الناس بخلاف المؤمنين الصادقين فنهم إذا قاموا إلى الصلاة يطيرون اليها بجناحى الرغبة والرهبة بل يحنون الى أوقاتها .
حنين اعرابيةحنت إلى أطلال نجد فارقته ومرخه ومن هنا كان صلى الله تعالى عليه وسلم يقول لبلال : أرحنا يابلال يريد E أقم لنا الصلاة لنصلى ونستريح بها لامنها وظن الأخير برسول الله صلى الله عليه و سلم كفروا والعياذ بالله تعالى وإذا عبدوا لايريدون إلا الله تعالى وما قدر السوى عندهم ليراءوه وإن كل جزء منهم يذكر الله تعالى نعم إنهم قد يشتغلون به عنه فهناك لايتأتى لهم الذكر وقد عد العارفون الذكر لأهل الشهود ذنبا ولهذا قال قائلهم : بذكر الله تزداد الذنوب وتنكشف الرذائل والعيوب وترك الذكر أفضل كل شىء وشمس الذات ليس لها مغيب لكن ذكر بعضهم أنه لايصل العبد إلى ذلك المقام إلا بكثرة الذكر وأشار إلى مقام عال من قال : لايترك الذكر إلا من يشاهده وليس يشهده من ليس يذكره والذكر ستر مذكوره ستر فخين اذكره فى الحال يستره فلا أزال على الاحوال أشهده ولا أزال على الأنفاس أذكره