واضح منه وأطيب ماحاك فى صدرى ثم رأيت العلامة الطيبى عليه الرحمة صرح به إن الذي يقتضيه النظم الفائق أن هذا الخطاب مع المنافقين وأن قوله سبحانه مايفعل الله بعذابكم متصل بقوله تعالى : إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا الخ وتنبيه لهم على أن الذي ورطهم فى تلك الورطة كفرانهم نعم الله تعالى وتهاونهم فى شكر ماأوتوا وتفويتهم على أنفسهم بنفاقهم البغية العظمى وهو الإسعاد بصحبة أفضل الخلق صلى الله تعالى عليه وسلم والانخراط فى زمرة الذين مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الانجيل فاذا تابوا وأصلحوا وأعتصموا بالله تعالى وأخلصوا دينهم له فأولئك حكمهم أن ينتظموا فى سلك أولئك السعداء من المؤمنين بعد ماكانوا مستأهلين الدرجات السفلى من النيران ثم التفت تعريضا لهم أن ذلك العذاب كان منهم وبسبب تقاعدهم وكفرانهم تلك النعمة الرفيعة وتفويتهم على أنفسهم تلك الفرصة السنية وإلا فان الله غنى مطلق عن عذابهم فضلا على أن يوقعهم فى تلك الورطات فقوله D : إن شكرتم فذلكة لمعنى الرجوع عن الفساد فى الأرض إلى الاصلاح فيها ومن اللجأ إلى الخلق إلى الاعتصام بالله تعالى ومن الرياء فى الدين إلى الاخلاص فيه فقوله عز من قائل : وآمنتم تفسير له وتقرير لمعناه أى وآمنتم الايمان الذي هو حائز لتلك اخلال الفواضل جامع لتلك الخصال الكوامل فتقديم الشكر على الايمان وحقه التأخير فى الأصل اعلام بأن الكلام فيه وأن الآية السابقة مسوقة لبيان كفران نعمة الله تعالى العظمى والكفر تابع فاذا أخر الشكر بهذه الأسرار واللطائف ومن ثم ذيل سبحانه الآية على سبيل التعليل بقوله جل وعلا : وكان الله شاكرا أى مثيبا على الشكر عليما .
147 .
- بجميع الجزئيات والكليات فلايعزب عن علمه شىء فيوصل الثواب كاملا إلى الشاكر وإلى هذا ذهب الامام وقال غير واحد : الشاكر وكذا الشكور من أسمائه تعالى هو الذى يجزى بيسير الطاعات كثير الدرجات ويعطى بالعمل فى أيام معدودة نعما فى الآخرة غير محدودة وعلى التقديرين يرجع إلى صفة فعلية وقيل : معناه المثنى عاى من تمسك بطاعته فيرجع إلى صفة كلامية .
هذا ومن باب الاشارة فى الآيات .
أما فى قوله سبحانه : ويستفتونك فى النساء إلى قوله D وكان الله واسعا عليما فقد قال النيسابورى فيه : إن النفس للروح كالمرآة للزوج ويتامى النساء صفات النفوس وماكتب لهن ما أوجب الله تعالى من الحقوق .
وحاصل المعنى إن نفسك مطيتك فارفق بها واليه الاشارة بقوله تعالى : والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح فالورح تشح بترك حقوق الله تعالى والنفس تشح بترك حظوظها فلا تميلوا كل الميل فى رفض حظوظ النفس فقد جاء فى الخبر إن لنفسك عليك حقا فتذروها كالمعلقة بين العالم العلوى والعالم السفلى وإن يتفرقا أى الروح والنفس يغن الله كلا من سعته فالروح يجتذب بجذبة خل نفسك وائتنى إلى سعة غنى الله تعالى فى عالم هويته فيستغنى عن مركب النفس بالوصول إلى المقصود والنفس تجتذب بجذبة ارجعى الى ربك إلى سعة غنى الله تعالى فى عالم فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى انتهى ولايخفى أن باب التأويل واسع وماذكره ليس بمتعين أن تجعل الآية فى شأن الشيخ والمريد وأما فى قوله : ياأيها الذين آمنوا كونوا الخ فنقول : إنه سبحانه أمر المؤمنين بالتوحيد العلى المريدين لثواب الدارين أن يكونوا ثابتين فى مقام العدالة التى