وفسر أبو حيان الأجر العظيم بالخلود والتعميم أولى والمراد بالمؤمنين ههنا ماأريد به فيما قبله واعتبار المساهمة جرى عليه غير واحد ولولا تفسير الآية بذلك لم يكن لها فى ذكر أحوال من تاب من النفاق معنى ظاهر .
وذهب بعضهم إلى عدم اعتبارها والمراد الإخبار بزيادة ثواب من لم يسبق منه نفاق أصلا وعمم بعض المؤمنين ليشمل من لم يتقدم منه نفاق ومن تقدم منه وتاب عنه والظاهر ماذكرناه ورسم يؤت بغير ياء وهو مضارع مرفوع فحق يائه أن تثبت لفظا وخطا إلا أنها حذفت فى اللفظ لالتقاء السكنين وجاء الرسم تبعا للفظ والقراء يقفون عليه دونها اتباعا للرسم إلا يعقوب فانه يقف بالياء نظرا إلى الاصل .
وروى ذلك أيضا عن الكسائى وحمزة ونافع وادعى السمين أن الأولى اتباع الرسم لأن الأطراف قد كثر حذفها مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وامنتم خطاب للمنافقين وقيل للمؤمنين وضعف مسوق لبيان أن مدار تعذيبهم وجودا وعدما إنما هو كفرهم لاشىء آخر فتكون الجملة مقررة لما قبلها من ثباتهم عند توبتهم و ما استفهامية مفيدة للنفى على أبلغ وجه وآكده وقيل : نافية والباء سببية وقيل : زائدة أى أى شىء يفعل الله سبحانه بسبب تعذيبكم أيتشفى به من الغيظ أم يدرك به الثأر أم يستجلب نفعا أو يستدفع به ضررا كما هو شأن الملوك وهو الغنى المطلق المتعالى عن أمثال ذلك وإنما هو أمر يقتضيه مرض كفركم ونفاقكم فاذا احتميتم عن النفاق ونقيتم نفوسكم بشربة الإيمان والشكر فى الدنيا برئتم وسلمتم وإلا هلكتم هلاكا لامحيص عنه بالخلود فى النار وإنما قدم الشكر مع أن الظاهر تأخيره لانه لايعتد به إلا بعد الإيمان لما أنه طريق موصل اليه فى أول درجاته فقد ذكر العارف أبو اسماعيل الأنصارى أن الشكر فى الأصل اسم لمعرفة النعمة لأنها السبيل إلى معرفة المنعم وله ثلاث درجات لأنه إذا نظر إلى النعمة كالرزق والخلق ينبعث منه شوق إلى معرفة المنعم وهذه الحركة تسمى باليقظة والشكر القلبى والشكر المبهم لأن منعمه لم يتضح له تعيينه وإنما عرف منعما ما فهو منعم عليه فإذا تيقظ لهذا وفق لنعمة أكبر منها وهى المعرفة بأن المنعم عليه هو الصمد الواسع الرحمة المثيب المعاقب فتتحرك جوارحه لتعظيمه ويضيف إلى شكر الجنان شكر الأركان ثم ينادى على ذلك الجميل باللسان ويقول : أفادتكم النعماء منى ثلاثة يدى والسانى والضمير المحجبا فالمذكور فى الآية هو الشكر المبهم وهو مقدم على الإيمان فلاحاجة الى مازعمه الامام من أن اكلام على التقديم والتأخير أى آمنتم وشكرتم وأما القول : بأن هذا السؤال إنما هو على تقدير أن تكون الواو للترتيب وأما إذا لم تكن للترتيب فلا سؤال فمما لاينبغى أن يتفوه به من له أدنى ذوق فى علم الفصاحة والبلاغة لأن الواو وإن لم تفد الترتيب لكن تقديم ماليس مقدما لايليق بالكلام الفصيح فضلا عن المعجز ولذا تراهم يذكرون لما يخالفه وجها ونكتة وذكر النيسابورى وجها آخر فى التقديم لكنه بناه على إفادة الواو للترتيب فقال : لعل اوجه فى ذلك أن الآية مسوقة فى شأن المنافقين ولانزاع فى إيمانهم ظاهرا وإنما النزاع فى بواطنهم وأفعالهم التى تصدر عنهم غير مطابقة للقول اللسانى فكان تقديم الشكر ههنا أهم لأنه عبارة عن صرف جميع ماأعطاه الله تعالى فيما خلق لأجله حتى تكون أفعاله وأقواله على نهج السداد وسنن الاستقامة انتهى ولايخفى أنه لم يحمل الشكر فى الآية على الشكر المبهم ولايخلو عن حسن