فى آية أخرى ولأضلنهم عن الطريق الاحق ولأمنيهم الأمانى الفاسدة من كسب اللذات الفانية ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام أى فليقطعن آذان نفوسهم عن سماع ماينفعهم ولآمرنهم فليغيرن خلق الله وهى الفطرة التى فطر الناس عليها من التوحيد والذين آمنوا ووحدوا وعملوا الصالحات واستقاموا سندخلهم جنات جنة الافعال وجنة الصفات وجنة الذات ليس أى حصول الموعود بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب بل لابد من السعى فيما يقتضيه وفى المثل إن التمنى راس مال المفلس ومن أحسن دينا أى حالا ممن أسلم وجهه لله وسلم نفسه اليه وفنى فيه وهو محسن مشاهد للجميع فى عين التفضيل سالك طريق الاحسان بالاستقامة فى الأعمال واتبع ملة ابراهيم فى التوحيد حنيفا مائلا عن السوى واتخذ الله إبراهيم خليلا حيث تخللت المعرفة جميع أجزائه من حيث ماهو مركب فلم يبق جوهر فرد إلا وقد حلت فيه معرفة ربه D فهو عارف به بكل جزء منه ومن هنا قيل : إن دم الحلاج لما وقع على الأرض انكتب بكل قطرة منه الله وأنشد ماقد لى عضو ولامفصل إلا وفيه لكم ذكر ولله مافى السموات ومافى الأرض لأن كل مابرز فى الوجود فهو شأن من شئونه سبحانه وكان الله بكل شىء محيطا من حيث أنه الذي أفاض عليه الجود وهو رب الكرم والجود لارب غيره ولايرجى إلا خيره ويستفتونك فى النساء أى يطلبون منك تبيين المشكل من الأحكام فى النساء مما يجب لهن وعليهن مطلقا فانه E قد سئل عن أحكام كثيرة مما يتعلق بهن فما بين فيما سلف أحيل بيانه على ماورد فى ذلك من الكتاب ومالم يبين بعد بين هنا وقال غير واحد : إن المراد يستفتونك فى ميراثهن والقرينة الدالة على ذلك سبب النزول فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جبير قال : كان لايرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم فى المال ويعمل فيه ولايرث الصغير ولا المرأة شيئا فلما نزلت المواريث فى سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا أيرث الصغير الذى لايقوم فى المال والمرأة التى هى كذلك فيرثان كما يرث الرجل ! فرجوا أن يأتى فى ذلك حدث من السماء فانتظروا فلما رأوا أنه لايأتى حدث قالوا لئن تم هذا أنه لايأتى حدث قالوا لئن تم هذا إنه لواجب ماعنه بد ثم قالوا : سلوا النبى صلى الله عليه و سلم فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان أهل الجاهلية لايورثون النساء ولا الصبيان شيئا كانوا يقولون لايغزون ولايغنمون خيرا فنزلت وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضى الله تعال عنهما نحوه وإلى الأول مال شيخ الاسلام قل الله يفتيكم فيهن أى يبين لكم حكمه فيهن والاقتفاء إظهار المشكل على السائل وفى البحر يقال : أفتاه إفتاءا وفتيا وفتوى وأفتيت فلانا رؤياه عبرتها له .
ومايتلى عليكم فى الكتاب فى ما ثلاثة احتمالات : الرفع والنصب والجر وعلى الأول : إما أن تكون مبتدأ والخبر محذوف أى وما يتلى عليكم فى القرآن يفتيكم ويبين لكم وإيثار صيغة المضارع للايذان بدوام التلاوة واستمرارها وفى الكتاب متعلق بيتلى أو بمحذوف وقع حالا من المستكن فبه أى يتلى كائنا فى الكتاب وإما أن تكون مبتدأ و فى الكتاب خبره والمراد بالكتاب حينئذ اللوح المحفوظ إذ لو أريد به معناه المتبادر لم يكن فيه فائدة إلا أن يتكلف له والجملة معترضة مسوقة لبيان عظم شأن المتلوا وما يتلى