كما قال السمين والجملة اعتراض وعدم التعرض للتمنية لأنها من باب الوعد وفى البحر إنهما متقاربان فاكتفى بأولهما أولئك إشارة إلى من اتخذ الشيطان وليا باعتباره معناه وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلتهم فى الخسران مأواهم ومستقرهم جميعا جهنم ولايجدون محيصا .
121 .
- اى معدلا ومهربا وهو اسم مكان أو مصدر ميمى من حاص يحيص إذا عدل وولى ويقال : محيص ومحاص وأصل معناه كما قيل الروغان ومنه وقعوا فى حيص بيص وحاص باص أى فى أمر يعسر التخلص منه ويقال : حاص يحوص أيضا وحوصا وحياصا و عنها متعلق بمحذوف وقع حالا من محيصا .
ولم يجوزوا تعلقه ب يجدون لأنه لايتعدى بعن ولابمحيصا لأنه إن كان اسم مكان فهو لايعمل لأنه ملحق بالجوامد وإن كان مصدرا فمعمول المصدر لايتقدم عليه ومن جوز تقدمه إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا جوزه هنا .
والذين امنوا وعملوا الصالحات مبتدأ خبره قوله تعالى : سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وجوز أبو البقاء أن يكون الموصول فى موضع نصب بفعل محذوف يفسره مابعده ولايخفى مرجوحيته وهذا وعد للمؤمنين إثر وعيد الكافرين وإنما قرنهما سبحانه وتعالى زيادة لمسرة أحبائه ومساءة أعدائه وعد الله حقا أى وعدهم وعدا وأحقه حقا فالأول مؤكد لنفسه كله على ألف عرفا فان مضمون الجملة السابقة لاتحتمل غيره اذ ليس الوعد إلا الاخبار عن إيصال المنافع قبل وقوعه والثانى مؤكد لغيره كزيد قائم حقا فان الجملة الخبرية بالنظر إلى نفسها وقطع النظر عن قائلها تحتمل الصدق والكذب والحق والباطل وجوز أن ينتصب وعد على أنه مصدر ل سندخلهم على ماقال أبوالبقاء من غير لفظه لأنه فى معنى نعدهم ادخال جنات ويكون حقا حلا منه .
ومن أصدق من الله قيلا .
122 .
- تذييل للكلام السابق مؤكد له فالواو اعتراضية و القيل مصدر قال ومثله القال .
وعن ابن السكيت : انهما اسمان لامصدران ونصبه على التمييز ولايخفى مافى الاستفهام وتخصيص اسم الذات الجليل الجامع وبناء أفعل وإيقاع القول تمييزا من المبالغة والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه التى غرتهم حتى استحقوا الوعيد بوعد الله تعالى الصادق لأوليائه الذى أوصلهم الى السعادة العظمى ولذا بالغ سبحانه فيه وأكده حثا على تحصيله وترغيبا فيه وزعم بعضهم أن الواو عاطفة والجملة معطوفة على محذوف أى صدق الله ومن أصدق من الله قيلا أى أصدق ولاأصدق منه ولايخفى أنه تكلف مستغنى عنه وكأن الداعى اليه الغفلة عن حكم الواو الداخلة على الجملة التذييلة وتجويز أن تكون الجملة مقولا محذوف أى وقائلين : من أصدق من الله قيلا فيكون عطفا على خالدين أدهى وأمر .
وقرأ الكوفى غير عاصم وورش باشمام الصاد الزاى ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب الخطاب للمؤمنين والأمانى بالتشديد والتخفيف وبهما قرىء جمع أمنية على وزن أفعولة وهى كما قال الراغب : الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشىء أى تقديره فى النفس وتصويره فيها ويقال : منى له المانى أى قدر له المقدر ومنه قيل : منية أى مقدرة وكثيرا مايطلق التمنى على تصور ملا حقيقة له ومن هنا يعبر به عن