ولظهور ذلك ترك وليأخذوا أى الطائفة المذكورة القائمة معك أسلحتهم مما لايشغل عن الصلاة كالسيف والخنجر وعن ابن عباس أن الآخذة هى الطائفة الحارسة فلا يحتاج حينئذ الى التقييد إلا أنه خلاف الظاهر والمراد من الأخذ عدم الوضع وإنما عبر بذلك عنه للايذان بالاعتناء باستصحاب الأسلحة حتى كأنهم يأخذونها ابتداءا فاذا سجدوا أى القائمون معك أى إذا فرغوا من السجود وأتموا الركعة كما روى عن ابن عباس رضى تاعلى عنهما فليكونوا من ورائكم أى فلينصرفوا للحراسة من العدو .
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا بعد وهى التى كانت تحرس ونكرها لأنها لم تذكر من قبل فليصلوا معك الركعة الباقية من صلاتك والتأنيث والتذكير مراعاة للفظ والمعنى ولم يبين فى الآية الكريمة حال الركعة الباقية لكل من الطائفتين وقد بين ذلك بالسنة فقد أخرج الشيخان وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وغيرهم عن سلم عن أبيه فى قوله سبحانه : قأقمت لهم الصلاة هى صلاة الخوف صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مقبلة على العدو ثم انصرفت التى وصلت مع النبي صلى الله عليه و سلم فقاموا مقام أولئك مقبلين على العدو وأقبلت الطائفة الأخرى التى كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعة أخرى ثم سلم بهم ثم قامت كل طائفة فصلوا ركعة ركعة فتم لرسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتان ولكل من الطائفتين ركعتان ركعة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وركعة بعد سلامه .
وعن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه و سلم حين صلى صلاة الخوف صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالطائفة الأخرى ركعة كما فى الآية فجاءت الطائفة الأولى وذهبت هذه إلى مقابلة العدو حتى قضت الاولى الركعة الاخرى بلا قراءة وسلموا ثم جاءت الطائفة الاخرى وقضوا الركعة الأولى بقراءة حتى صار لكل طائفة ركعتان وهذا ماذهب اليه الامام أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه وإنما سقطت القراءة عن الطائفة الأولى فى صلاتهم الركعة الثانية بعد سلام رسول الله صلى الله عليه و سلم لانهم وإن كانوا فى ثانيته E فى مقابلة العدو إلا أنهم فى الصلاة وفى حكم المتابعة فكانت قراءة الامام قائمة مقام قراءتهم كما هو حكم الاقتداء ولاكذلك الطائفة الاخرى لانهم اقتدوا بلامام فى الركعة الثانية وأتم الأمام صلاته فلابد لهم من القراءة فى ركعتهم الثانية إذ لم يكونوا مقتدين بالامام حينئذ وذهب بعضهم الى أن صلاة الخوف هى مافى الآية ركعة واحدة ونسب ذلك الى ابن عباس وغيره فقد أخرج ابن جرير وابن أبى شيبة والنحاس عنه رضى الله تعالى عنه أنه قال : فرض الله تعالى على لسام نبيكم صلى الله عليه و سلم فى الحضر أربعا وفى السفر ركعتين وفى الخوف ركعة وأخرج الاولان وابن أبى حاتم عن يزيد الفقير قال سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين فى السفر أقصر هما فقال : الركعتان فى السفر تمام إنما القصر واحدة عند القتال بينا نحن مع روسل الله صلى الله عليه و سلم فى قتال إذ أقيمت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فصفت طائفة وطائفة وجوهها قبل العدو فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم انطلقوا إلى أولئك فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس فسلم وسلم الذين خلفه وسلم الاولون فكانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتان وللقوم ركعة ركعة ثم قرأ الآية وذهب الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إلى أن كيفية صلاة الخوف أن يصلى الامام بطائفة ركعة فاذا قام للثانية فارقته وأتمت وذهبت إلى وجه العدو وجاء الواقفون فى وجهه والامام ينتظرهم فاقتدوا به وصلى بهم الركعة الثانية فذا جلس للتشهد قاموا فأتموا ثانيتهم ولحقوه وسلم بهم