فى حق مقدار النصر وكيفيته وفى حق مايتعلق به من الصلوات وفى مقدار مدة الضرب الذي نيط به القصر فكلما ورد منه صلى الله تعالى عليه وسلم من القصر فى حال الأمن وتخصيصه بالرباعيات على وجه التصنيف وبالضرب فى المدة المعينة بيان لاجمال الكتاب كما قاله شيخ الاسلام وقال بعضهم : إن القصر فى الآية محمول على قصر الأحوال من الايماء وتخفيف التسبيح والتوجه الى أى وجه وحينئذ يبقى الشرط على ظاهر مقتضاه المتبادر الى الأذهان ونسب ذلك الى طاوس والضحاك .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال فى الآية : قصر الصلاة إن لقيت العدو وقد حانت أن تكبر الله تعالى وتخفض رأسك إيماءا راكبا كنت أو ماشيا وقيل : إن قوله تعالى : إن خفتم الخ بكا بعده من صلاة الخوف منفصل عما قبله .
فقد أخرج ابن جرير عن على كرم الله تعالى وجهه قال : سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يارسول الله إنا نضرب فى الأرض فكيف نصلى فأنزل الله تعالى وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ثم انقطع الوحى فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبى صلى الله عليه و سلم فصلى الظهر فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم فقال قائل منهم : إن لهم أخرى مثلها فى إثرها فأنزل الله تعالى بين الصلاتين إن خفتم إن يفتنكم الذين كفروا الى قوله سبحانه وتعالى إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا فنزلت صلاة الخوف ولعل جواب الشرط على هذا محذوف أيضا على طرز ماتقدم ونقل الطبرسى عن بعضهم أن القصر فى الآية بمعنى الجمع بين الصلاتين وليس بشىء أصلا وقرأ أبى كما قال ابن النذر : فأقصروا من الصلاة أن يفتنكم والمشهور أنه كعبد الله أسقط ان خفتم فقط وأياما كان فان أن يفتنكم فى موضع المفعول له لما دل عليه الكلام بتقدير مضاف كأنه قيل : شرع لكم ذلك كراهة أن يفتنكم الخ فان استمرار الاشتغال بالصلاة مظنة لاقتدار الكافرين على ايقاع الفتنة وقوله تعالى إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا .
101 .
- إما تعليل ذلك باعتبار تعلله بما ذكر أو تعليل لما يفهم من الكلام من كون فتنتهم متوقعة فان كمال العدواة من موجبات التعرض بالسوء و عدوا كما قال أبو البقاء : فى موضع أعداء وقيل : هو مصدر على فعول مثل الولوع والقبول و لكم حال منه أو متعلق ب كان .
وإذا كنت فيهم بيان لما قبله من النص المجمل فى مشروعية القصر بطريق التفريع وتصوير لكيفيته عند الضرورة التامة والخطاب للنبى صلى الله عليه و سلم بطريق التجريد وتعلق بظاهره من خص صلاة الخوف بحضرته E كالحسن بن زيد ونسب ذلك أيضا لأبى يوسف ونقله عن الجصاص فى كتاب الأحكام والنووى فى المهذب وعامة الفقهاء على خلافه فان الأئمة بعده صلى الله تعالى عليه وسلم نوابه وقوام بما كان يقوم به فيتناولهم حكم الخطاب الوارد E كما فى قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة وقد أخرج أبو داود والنسائى وابن حبان وغيرهم عن ثعلبة بن زهدم قال : كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف فقال حذيفة : أنا ثم وصف له ذلك فصلوا كما وصف ولم يقضوا وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولم ينكره أحد منهم وهم الذين لاتأخذهم فى الله تعالى لومة لائم وهذا يحل محل الاجماع ويرد مازعمه المزنى من دعوى النسخ أيضا فأقمت لهم الصلاة أى أردت أن تقيم بهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك بعد أن جعلتهم طائفتين ولتقف الطائفة الاخرى تجاه العدو للحراسة