فى اليوم الثانى والثالث وأيا فعل فقد قام بالفرض وكان صوابا وقال النووى : المعنى فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد فى الحضر ركعتان على سبيل التحتم وأقرت صلاة السفر على جواز الإتمام وحيث ثبتت دلائل الاتمام وجب المصير إلى ذلك جمعا بين الادلة وقال ابن حجر عليه الرحمة : والذى يظهر لى فى جمع الأدلة أن الصلاة فرضت ليلة الاسراء ركعتين ركعتين الا المغرب ثم زيدت عقب الهجرة إلا الصبح كما رواه ابن خزيمة وابن حبان والبيهقى عن عائشة وفيه : وتركت الفجر لطول القراءة والمغرب لأنها وتر النهار ثم بعدما استقر فرض الرباعية خفف منها فى السفر عند نزول الآية ويؤيده قول ابن الاثير : إن القصر كان فى السنة الرابعة من الهجرة وهو مأخوذ من قول غيره : إن نزول آية الخوف فيها وقيل : القصر كان فى ربيع الآخر من السنة الثانية كما ذكره الدولابى وقال السهلبى : إنه بعد الهجرة بعام أو نحوه وقيل : بعد الهجرة بأربعين يوما فعلى ذها قول عائشة رضى الله تعالى عنها فأقرت صلاة السفر أى باعتبار مآل اليه الأمر من التخفيف لاأناه استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة انتهى .
واستبعد هذا الجمع بأنها لو كانت قبل الهجرة ركعتين لاشتهر ذلك وقال آخرون منهم : إن الآية صريحة فى عدم وجوب الاتمام وماذكر خبر واحد فلا يعارض النص الصريح على أنه مخصوص بغير الصبح والمغرب وحجية العام المخصوص مختلف فيها وذكر أصحابنا أن كثرة الأخبار وعمل الجم الغفير من الصحابة والتابعين وجميع العترة رضى الله تعالى عنهم أجمعين بها يقوى القول بالوجوب ووروده بنفى الجناح لأنهم ألفوا الاتمام فكانوا مظنة أن يخطر ببالهم أن عليهم نقصانا فى القصر فصرح بنفى الجناح عليهم لتطيب به نفوسهم وتطمئن اليه كما فى قوله تعالى : فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما مع أن ذلك الطواف واجب عندنا ركن عند الشافعى C تعالى وعن أبى جعفر رضى الله تعالى عنه أنه تلا هذه الآية لمن استبعد الوجوب بنفى الجناح إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا جوابه محذوف لدلالة ماقبل عليه أى إن خفتم أن يعترضوا لكم بما تكرهونه من القتال أو غيره فليس عليكم جناح الخ وقد أخذ بعضهم بظاهر هذا الشرط فقصر القصر على الخوف وأخرج ابن جرير عن عائشة رضى الله تعالى عنها والذي عليه الأئمة أن القصر مشروع فى الأمن أيضا وقد تظاهرت الأخبار على ذلك فقد أحرج النسائى والترمذى وصححه عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لانخاف شيئا ركعتين وأخرج الشيخان وغيرهما من أصحاب السنن عن حارثة بن وهب الخزاعى أنه قال : صليت مع النبى صلى الله عليه و سلم الظهر والعصر بمنى أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين الى غير ذلك ولايتوهمن أنه مخالف للكتاب لأن التقييد بالشرط عندنا إنما يدل على ثبوت الحكم عند وجود الشرط وأما عدمه عند عدمه فساكت عنه فان وجد له دليل ثبت عنده أيضا وإلا يبقى على حاله لعدم تحقق دليله لا لتحقق دليل عدمه .
وناهيك ماسمعت من الأدلة الواضحة وأما عند القائلين بالمفهوم فلأنه إنما يدل على نفى الحكم عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه فائدة أخرى وقد خرج الشرط ههنا مخرج الأغلب كما قيل فى قوله تعالى : فان خفتم أن لايقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به بل يقال ان الآية الكريمة مجملة