يفيد علية مبدأ الاشتقاق فكأنه قيل ومن يقتل مؤمنا لأجل ايمانه ولاشك أن من يقتله لذلك لايكون إلا مستحلا فلا يكون إلا كافرا فيخرج هذا القاتل عن محل النزاع وإن لم يعتبر سبب نزول واعترض بأن المؤمن وإن كان مشتقا فى الأصل إلا أنه عومل معاملة الجوامد الا ترى أن قولك كلمت مؤمنا مثلا لايفهم منه أنك كلمته لأجل ايمانه ولو أفاد تعليق الحكم بالمؤمن العلية لكان ضرب المؤمن وترك السلام عليه والقيام له كقتله كفرا ولاقائل به واعتبار الاشتقاق تارة وعدم اعتباره أخرى خارج عن حيز الاعتبار فليفهم ثم أنه سبحانه ذكر هنا حكم القتل العمد الأخروى ولم يذكر حكمه الدنيوى اكتفاءا بما تقدم فى آية البقرة يا أيها الذين آمنوا شروع فى التحذير عما يوجب الندم من قتل من لاينبغى قتله .
اذا ضربتم في سبيل الله أى سافرتم للغزو على مايدل عليه السباق والسياق فتبينوا أى فاطلبوا بيان الأمر فى كل ما تأتون وتذرون ولاتعملوا فيه من غير تدبر وروية وقرأ حمزة وعلى وخلف فتبينوا أى فاطلبوا ثبات الأمر ولاتعجلوا فيه والمعنيان متقاربان وصيغة التفعيل بمعنى الاستقبال ودخلت الفاء لما فى إذا من معنى الشرط كأنه قيل : إن غزوتم فتبينوا ولاتقولوا لم ألقى إليكم السلام أى حياكم بتحية الاسلام ومقابلها تحية الجاهلية كأنعم صباحا وحياك الله تعالى وقرأ حمزة وخلف وأهل الشام السلم بغير ألف وفى بعض الروايات عن عاصم أنه قرأ السلم بكسر السين وفتح اللام ومعناه فى القرائتين الاستسلام والانقياد وبه فسر بعضهم السلام أيضا فى القراءة المشهورة واللام على ماقال السمين : للتبليغ والماضى بمعنى المضارع ومن موصولة أو موصوفة والمراد النهى عما هو نتيجة لترك المأمور به وتعيين مادة مهمة من المواد التي يجب فيها التبين والتثبيت وتقييد ذلك بالسفر لأن عدم التبين كان فيه لا لأنه لايجب الا فيه والمعنى لاتقولوا لمن أظهر لكم مايدل على إسلامه : لست مؤمنا وإنما فعلت ذلك خوف القتل بل اقبلوا منه ماأظهر وعاملوه بموجبه .
وروى عن على كرم الله تعالى وجهه ومحمد بن على الباقر رضى الله تعالى عنهما وأبي جعفر القارى أنهم قرءوا مؤمنا بفتح الميم الثانية أى مبذولا لك الأمان تبتغون عرض الحياة الدنيا أى تطلبون ماله الذى هو حطام سريع الزوال وشيك الانتقال والجملة فى موضع الحال من فاعل تقولوا مشعرا بماهو الحامل على العجلة والنهى راجع الى القيد والمقيد وقوله تعالى : فعند الله مغانم كثيرة تعليل للنهى عن القيد بما فيه من الوعد الضمنى كأنه قيل : لاتبتغوا ذلك العرض القليل الزائل فان عنده سبحانه وفى مقدوره مغانم كثيرة يغنمكموها فيغنيكم عن ذلك وقوله سبحانه كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم تعليل للنهى عن المقيد باعتبار أن المراد منه رد إيمان الملقى لظنهم أن الايمان العاصم ماظهرت على صاحبه دلائل تواطىء الباطن والظاهر ولم تظهر فيه واسم الإشارة إشارة الى الموصول باعتبار اتصافه بما فى حيز الصلة والفاء فى فمن للعطف على كنتم وقدم خبرها للقصرالمفيد لتأكيد المشابهة كأنه قيل : لاتردوا إيمان من حياكم بتحية الإسلام وتقولوا إنه ليس بإيمان عاصم ولايعد المتصف به مؤمنا معصوما لظنكم اشتراط التواطؤ فى العصمة ومجرد التحية لايدل عليه فانكم كنتم أنتم فى مبادىء إسلامكم مثل هذا الملقى فى عدم ظهور شىء للناس منكم غير ماظهر منه لكم من التحية ونحوها ولم يظهر منكم ماتظنونه شرطا مما يدل على التواطؤ