والله اركسم بما كسبوا حال من المنافقين مفيد لتأكيد الانكار السابق وقيل : من ضمير المخاطبين والربط الواو وقيل : مستأنفة والباء سببية وما إما مصدرية وإما موصولة وأركس وركس بمعنى واختلف فى معنى الركس : الرد كما قيل في قول أمية بن أبي الصلت : فأركسوا في جحيم النار أنهم كانوا عصاة وقالوا الافك والزورا وهذه رواية الضحاك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما والمعنى حينئذ والله تعالى ردهم الى الكفر بعد الايمان بسبب ماكسبوه من الارتداد واللحوق بالمشركين أو نحو ذلك أو بسبب كسبهم وقيل : هو قريب من النكس وحاصله أنه تعالى رماهم منكسين فهو أبلغ من التنكيس لأن من يرمى منكسا فى هوة قلما يخلص منها والمعنى أنه سبحانه بكسبهم الكفر أو بماكسبوه منه قلب حالهم ورماهم فى حفر النيران وأخرج ابن جرير عن السدى أنه فسر أركسهم بأضلهم وقد جاء الاركاس بمعنى الاضلال ومنه وأركستني عن طريق الهدى وصيرتنى مثلا للعدا وأخرج الطستى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال : المعنى حبسهم فى جهنم والبخارى عنه أن المعنى ببدهم أى فرقهم شملهم وابن المنذر عن قتادة أهلكهم ولعلها معان ترجع الى أصل واحد وروى عن عبد الله وأبى أنهما قرآ ركسوا بغير ألف ركستهم مشددا .
أتريدون أن تهدوا من أضل الله توبيخ للفئة القائلة بإيمان أولئك المنافقين على زعمهم ذلك وإشعار بأن يؤدى الى محاولة المحال الذي هو هداية من أضله الله تعالى وذلك لأن الحكم بإيمانهم وادعاء اهتدائهم مع أنهم بمعزل من ذلك سعى فى هدايتهم وإرادة لها فالمراد بالموصول المنافقون إلا أن وضع موضع ضميرهم لتشديد الانكار وتأكيد استحالة الهداية بما ذكر فى حين الصلة وحمله على العموم والمذكورون داخلون فيه دخولا أوليا كما زعمه أبوحيان ليس بشىء وتوجيه الإنكار إلى الارادة دون متعلقها للمبالغة فى إنكاره ببيان أن إرادته مما لايمكن فضلا عن إمكان نفسه والآية ظاهرة فى مذهب الجماعة وحمل الهداية والاضلال على الحكم بها خلاف الظاهر ويبعده قوله تعالى ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا .
88 .
- فان المتبادر منه الخلق أى من يخلق فيه الضلال كائنا من كان ويدخل هنا من تقدم دخولا أوليا فلن تجد له سبيلا من السبل فضلا عن أن تهديه اليه والخطاب فى تجد لغير معين أو لكل أحد من المخاطبين للاشعار بعدم الوجدان للكل على سبيل التفصيل ونفى وجدان السبيل أبلغ من نفى الهادى وحمل إضلاله تعالى على حكمه وقضائه بالضلال مخل بحسن المقابلة بين الشرط والجزاء وجعل السبيل بمعنى الحجة وأن المعنى من يجعله الله تعالى فى حكمه ضالا فلن تجد له فى ضلالته حجة كما قال جعفر بن حرب ليس بشىء كما لايخفى والجملة إما اعتراض تذييلى مقرر للانكار السابق مؤكد لاستحالة الهداية أو حال من فاعل تريدون أو تهدوا والرابط الواو .
ودوا لو تكفرون بيان لغلوهم وتماديهم فى الكفر وتصديهم لاضلال غيرهم إثر بيان كفرهم وضلالتهم فى أنفسهم و لو مصدرية لاجواب لها أى تمنوا أن تكفروا وقوله تعالى كما كفروا نعت لمصدر محذوف وما ما مصدرية أى كفر مثل كفرهم أو حال من ضمير ذلك المصدر كما هو رأى سيبويه ولا دلالة