عقلى وسمعى أما المسلك الأول : فهو أن الصدق والكذب فى الخبر من الكلام النفسانى القديم ليس لذاته ونفسه بل بالنظر الى مايتعق به من المخبر عنه فان كان قد تعلق به على ماهو عليه كان الخبر صدقا وإن كان على خلافه كان كذبا وعند ذلك فلو تعلق من الرب سبحانه كلامه القائم على خلاف ماهو عليه لم يحل إما أن يكون ذلك مع العلم به أولا لا جائز أن يكون الثاني والا لزم الجهل الممتنع عليه سبحانه من أوجه عديدة وإن كان الاول فمن كان عالما بالشىء يستحيل أن لايقوم به الاخبار عنه على ماهو به وهو معلوم بالضرورة وعند ذلك فلو قام بنفسه الاخبار عنه على خلاف ماهو عليه حال كونه عالما به مخبرا عنه على ماهو عليه لقام بالنفس الخبر الصادق والكاذب بالنظر الى شىء واحد من جهة واحدة وبطلانه معلوم بالضرورة .
واعترض بأنا نعلم ضرورة من أنفسنا إنا حال مانكون عالمين بالشىء يمكننا أن نخبر بالخبر الكاذب ونعلم كوننا كاذبين ولولا إنا عالمون بالشىء المخبر عنه لما تصور علمنا بكوننا كاذبين وأجيب بأن الخبر الذي نعلم من أنفسنا كوننا كاذبين فيه إنما هو الخبر اللسانى وأما النفسانى فلا نسلم صحة علمنا بكذبه حال الحكم به وأما المسلك الثانى : فهو أنه قد ثبت صدق الرسول صلى الله عليه و سلم بدلالة المعجزة القاطعة فيما هو رسول فيه على مابين فى محله .
وقد نقل عنه بالخبر المتواتر أن كلام الله تعالى صدق وأن الكذب عليه سبحانه محال ونظر فيه الآمدى بأن لقائل أن يقول : صحة السمع متوقفة على صدق الرسول صلى الله عليه و سلم وصدقه متوقف على استحالة الكذب على الله تعالى من حيث أن ظهور المعجزة على وفق تحديه بالرسالة نازل منزلة التصديق من الله سبحانه له فى دعواه فلو جاز الكذب عليه جل شأنه لأمكن أن يكون كاذبا في تصديقه له ولايكون الرسول صادقا وإذا توقف كل منهما على صاحبه كان دورا لايقال إثبات الرسالة لايتوقف على استحالة الكذب على اللع تعالى ليكون دورا فانه لايتوقف إثبات الرسالة على الاخبار بكونه رسولا حتى يدخله الصدق والكذب بل على إظهار المعجزة على وفق تحديه وهو منزل منزلة الانشاء وإثبات الرسالة وجعله رسولا فى الحال كقول القائل : وكلتك فى أشغالى واستنبتك فى أمورى وذلك لايستدعى تصديقا ولا تكذيبا اذ يقال حينئذ : فلو ظهرت المعجزة على يد شخص لم يسبق منه التحدى بناءا على جواره على أصول الجماعة لم تكن المعجزة دالة على ثبوت رسالته إجماعا ولو كان ظهور المعجزة على يده منزل منزلة الإنشاء لرسالته لوجب أن يكون رسولا متبعا بعد ظهورها وليس كذلك وكون الانشاء مشروطا بالتحدى بعيد بالنظر الى حكم الانشاءات وبتقدير أن يكون كذلك غايته ثبوت الرسالة بطريق الانشاء ولايلزم منه أن يكون الرسول صادقا في كل مايخبر به دون دليل عقلى يدل على صدقه فيما يخبر به أو تصديق الله تعالى له فى ذلك ولادليل عقلى يدل على ذلك وتصديق الله تعالى له توقف على صدق خبره عاد ماسبق فينبغى أن يكون هذا المسلك السمعى فى بيان استحالتة الكلام اللساني وهو صحيح فيه والسؤال الوارد ثم منقطع هنا فأن صدق الكلام اللساني وإن توقف على صدق الرسول لكن صدق الرسول غير متوقف على صدق الكلام اللساني بل على الكلام اللساني نفسه فامتنع الدو الممتنع وفى المواقف : الاستدلال على امتناع الكذب عليه تعالى عند أهل السنة بثلاثة أوجه : الأول أنه نقص والنقص ممنوع إجماعا وأيضا فيلزم أن يكون نحن أكمل منه سبحانه فى بعض الأوقات أعنى وقت صدقنا فى كلامنا والثاني أنه لو اتصف بالكذب سبحانه لكان كذبا قديما اذ لايقوم الحادث