على أخرى مثلها أى لو لم تكونوا في بروج ولو كنتم الخ وقد اطرد الحذف في مثل ذلك لوضوح الدلالة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك نزلت على ماروى عن الحسن وابن زيد في اليهود وذلك انهم كانوا قد بسط عليهم الرزق فلما قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة فدعاهم الى الايمان فكفروا أمسك عنهم بعض الامساك فقالوا : مازلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا مذ قدم علينا هذا الرجل فالمعنى إن تصبهم نعمة أو رخاء نسبوها الى الله تعالى وإن تصبهم بلية من جدب وغلاء أضافوها اليك متشائمين كما حكي عن أسلافهم بقوله تعالى وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه والى هذا ذهب الزجاج والفراء والبلخي والجبائي وقيل نزلت في المنافقين ابن أبى وأصحابه الذين تخلفوا عن القتال يوم أحد وقالوا للذين قتلوا لو كانوا عندنا ماماتوا وما قتلوا فالمعنى ان تصبهم غنيمة قالوا : هي من عند الله تعالى وان تصبهم هزيمة قالوا : هي من سوء تدبيرك وهو المروى عن ابن عباس وقتادة وقيل : نزلت فيمن تقدم وليس بالصحيح وصحح غير واحد أنها نزلت في اليهود والمنافقين جميعا لما تشاءموا من رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قدم المدينة وقحطوا وعلى هذا فالمتبادر من الحسنة والسيئة هنا النعمة والبلية وقد شاع استعمالها في الطاعة والمعصية والى هذا ذهب كثير من المحققين وأيد باسناد الاصابة اليهما بل جعله صاحب الكشف دليلا بينا عليه وبأنه أنسب بالمقام لذكر الموت والسلامة قبل وقوله تعالى قل كل من عند الله أمر له صلى الله عليه و سلم بأن يرد زعمهم الباطل واعتقادهم الفاسد ويرشدهم إلى الحق ببيان إسناد الكل اليه تعالى على الإجمال أي كل واحدة من النعمة والبلية من جهة الله تعالى خلقا وايجادا من غير ان يكون لي مدخل في قوع شىء منها بوجه من الوجوه كما تزعمون بل وقوع الأولى منه تعالى بالذات تفضلا ووقوع الثانية بواسطة ذنوب من ابتلى بها عقوبة كما سيأتي بيانه .
وهذا الجواب المجمل في معنى ماقيل : ردا على أسلاف اليهود من قوله تعالى : إنما طائرهم عند الله أي إنما سبب خيرهم وشرهم عند الله تعالى لاعند غيره حتى يستند ذلك اليه ويطيروا به قاله شيخ الاسلام ومنه يعلم اندفاع ماقيل : ان القوم لم يعتقدوا أن النبي صلى الله عليه و سلم فاعل السيئة كما اعتقدوا أن الله تعالى فاعل الحسنة بل تشاءموا به وحاشاه E فكيف يكون هذا ردا عليهم ولاحاجة الى ماأجاب به العلامة الثاني من أن الجواب ليس مجرد قوله تعالى : قل كل من عند الله بل هو الى قوله سبحانه : وما أصابك من سيئة الخ وقوله تعالى فمال هؤلاء القوم أي اليهود والمنافقين والمحتقرين لايكادون يفقهون أي يفهمون حديثا .
78 .
- أي كلام يوعظون به وهو القرآن أو كلاما ما أو كل شىء حدث وقرب عهده كلام من قبله تعالى معترض بين المبين وبيانه مسوق لتعييرهم بالجهل وتقبيح حالهم والتعجيب من كمال غباوتهم والفاء لترتيب ما بعدها على ماقبلها والجملة المنفية حالية والعامل فيها مافي الظرف من الاستقرار أو الظلرف نفسه والمعنى حيث كان الأمر كذلك فأي شىء حصل لهؤلاء حال كونهم بمعزل من أن يفقهوا نصوص القرآن الناطقة بأن الكل فائض من عند الله تعالى أو بمعزل من أن يفهموا حديثا مطلقا عدوا كالبهائم التي لا أفهام لها أو بمعزل أن يعقلوا صروف الدهر وتغيره حتى يعلموا أنه لها فاعلا حقيقيا بيده جميع الامور ولامدخل