فلا يمنع عنه الخروج الى القتال وفي التعبير بالادراك إشعار بأن القوم لشدة تباعدهم عن أسباب الموت وقرب وقت حلوله اليهم بممر الانفاس والآنات كأنهم في الهرب منه وهو مجد في طلبهم لايفتر نفسا واحدا في التوجه اليهم وقرأ طلحة بن سليمان يدرككم بالرفع واختلف في تخريجه فقيل : إنه على حذف الفاء كما في قوله على ما أنشده سيبويه : من يفعل الحسنات الله يشكرها والشر بالشر عند الله مثلان وظاهر كلام الكشاف الاكتفاء بتقدير الفاء وقدر بعضهم مبتدأ معها أى فأنتم يدرككم وقيل : هو مؤخر من تقديم وجواب الشرط محذوف أى يدرككم الموت أينما تكونوا يدرككم واعترض بأن هذا انما يحسن فيما إذا كان ماقبله طالبا له كما في قوله : يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع أو فيما إذا لم تكن الأداة اسم شرط وأجيب بأن الشرط الاول وإن نقل عن سيبويه إلا أنه نقل عنه أيضا الاطلاق والشرط الثاني لم يعول عليه المحققون وقيل : إن الرفع على توهم كون الشرط ماضيا فانه حينئذ لايجب ظهور الجزم في الجواب لأن الاداة لما لم يظهر أثرها في القريب لم يجب ظهوره في البعيد وماقيل عليه من أن الشرط ماضيا والجزاء مضارعا انما يحسن في كلمة ان لقلبها الماضي الى معنى الاستقبال فلا يحسن أينما كنتم يدرككم الموت الا على حكاية الماضي وقصد الاستحضار فيه نظر نعم يرد عليه أن فيه تعسفا اذا لتوهم كما قال ابن المنير أن يكون مايتوهم هو الأصل أو مما كثر في الاستعمال حتى صار كالأصل وما توهم هنا ليس كذلك وقيل : إن يدرككم كلام مبتدأ و أينما تكونوا متصل ب لاتظلمون واعترض كما قال الشهاب : بأنه ليس بمستقيم معنى وصناعة أما الأول فلأنه لايناسب اتصاله بما قبله لأن لاتظلمون فتيلا المراد منه في الآخرة فلا يناسبه التعميم وأما الثاني فلأنه يلزم عليه عمل ماقبل اسم الشرط فيه وهو غير صحيح لصدارته وأجيب عن الاول بأنه لامانع من تعميم ولاتظلمون للدنيا والآخرة أو يكون المعنى لاينقصون شيئا من مدة الأجل المعلوم لامن الأجود وبه ينتظم الكلام وعن الثاني بأن المراد من الاتصال بما قبله كما قال الحلبي والسفاقسي اتصاله به معنى لاعملا على أن أينما تكنوا شرط جوابه محذوف تقديره لاتظلمون وماقبله دليل الجواب وأنت تعلم أن هذا التخريج وإن التزم الذب عنه بما ترى خلاف الظاهر المنساق الى الذهن وأولى التخريجات أنه على حذف الفاء وهو الذي اختاره المبرد والقول بأن الحذف ضرورة في حيز المنع ولو كنتم في بروج أي قصور قاله مجاهد وقتادة وابن جريج وعن السدى والربيع رضي الله تعالى عنهم أنها قصور في السماء الدنيا وقيل : المراد بها بروج السماء المعلومة وعن أبي على الجبائى انها البيوت التي فوق القصور وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : انها الحصون والقلاع وهي جمع ج وأصله من التبرج وهو الاظهار ومنه تبرجت المرأة اذا أظهرت حسنها مشيدة أي مطلية بالشيد وهو الجص قاله عكرمة أو مطولة بارتفاع قاله الزجاج فهو من شيد البناء اذا رفعه وقرأ مجاهد مشيدة بفتح الميم وتخفيف الياء كما في قوله تعالى : وقصر مشيد وقرأ أبو نعيم بن ميسرة مشيدة بكسر الياء على التجوز ك عيشة راضية وقصيدة شاعرة والجملة المعطوفة