الناس أو يخشون أشد خشية على أن الاول مصدر والثاني حال وقيل عليه : ان حذف المضاف أهون من حذف الجملة وأوفى بمقتضى المقابلة وحسن المطابقة وجوز أن يكون خشية منصوبا على المصدرية و أشد صفة لما قدمت عليه فانتصب على الحالية وذكر بعضهم أن التمييز بعد اسم التفضيل قد يكون نفس ماانتصب عنه نحو الله خير حافظا فان الحافظ هو الله تعالى كما لوقلت : الله خير حافظ بالجر وحينئذ لامانع من أن تكون الخشية نفس الموصوف ولايلزم أن يكون للخشية خشية بمنزلة أن يقال : أشد خشية بالجر والقول بأن جواز هذا فيما إذا كان التمييز نفس الموصوف بحسب المفهوم واللفظ محل نظر محل نظر إذ اتحاد اللفظ مع حذف الأول ليس فيه كبير محذوف .
وهذا ايراد قوي على ماقيل وقد نقل ابن المنير عن الكتاب مايعضده فتأمل و أو قيل للتنويع وقيل للابهام على السامع وقيل : للتخبير وقيل : بمعنى الواو وقيل بمعنى بل وقالوا عطف على جواب لما أى فلما كتب عليهم القتال فاجأ بعضهم بألسنتهم أو بقلوبهم وحكاه الله تعالى عنهم على سبيل تمني التخفيف لا الاعتراض على حكمه تعالى والانكار لايجابه ولذا لم يوبخوا عليه ربنا لم كتبت علينا القتال في هذا الوقت لو أخرتنا الى أجل قريب وهو الأجل المقدر ووصف بالقريب للاستعطاف أى أنه قليل لايمنع من مثله والجملة كالبيان لما قبلها ولذا لم تعطف عليه وقيل : إنما لم تعطف عليه للإيذان بانهما مقولان مستقلان لهم فتارة قالوا الجملة الاولى وتارة الجملة الثانية ولو عطفت لتبادر أنهم قالوا مجموع الكلامين بعطف الثانية على الاولى قل أي تزهيدا لهم فيما يؤملونه بالقعود عن القتال والتأخير الى الأجل المقدر من المتاع الفاني وترغيبا فيما ينالونه بالقتال من النعيم الباقي متاع الدنيا أي جميع مايستمتع به وينتفع في الدنيا قليل في نفسه سريع الزوال وهو أقل قليل بالنسبة الى مافي الآخرة والآخرة أي ثوابها المنوط بالاعمال التي من جملتها القتال خير لكم من ذلك المتاع القليل لكثرته وعدم انقطاعه وصفائه عن الكدورات وفي اختلاف الأسلوب مالايخفى وانما قال سبحانه : لمن اتقى حثا لهم وترغيبا على الاتقاء والاخلال بموجب التكليف وقيل : المراد أن نفس الآخرة خير ولكن للمتقين لأن الكافر والعاصي هنالك نيرانا وأهوالا ولذا قيل الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ولايخفى أن الاول أنسب بالسياق ولاتظلمون فتيلا عطف على مقدر أى تجزون فيها ولاتبخسون هذا المقدار اليسير ضلا عما زاد من ثواب أعمالكم فلا ترغبوا عن القتال الذي هو من غرورها وقرأ ابن كثير وكثير ولايظلمون بالياء اعادة للضمير الى ظاهره من .
أينما تكونوا يدرككم الموت يحتمل ان يكون ابتداء كلام مسوق من قبله تعالى بطريق تلوين الخطاب وصرفه عن سيد المخاطبين من ذكر أولا اعتناءا بالزامهم اثر بيان حقارة الدنيا وفخامة الآخرة بواسطته فلا محل للجملة من الاعراب ويحتمل ان تكون داخلا في حين القول المأمور به فمحل الجملة النصب وجعل غير واحد ماتقدم جوابا للجملة الاولى من قولهم وهذا جوابا للثانية منه فكأنه لما قالوا : لم كتبت علينا القتال أجيبوا ببيان الحكمة بأنه كتب عليكم ليكثر تمتعكم ويعظم نفعكم لأنه يوجب تمتع الآخرة ولما قالوا : لولا أخرتنا الخ أجيبوا بأنه أينما تكونوا في السفر أو في الحضر يدرككم الموت لأن لآجل مقدر