الصحيح واهبة مع التسليم والإعتاق كلا أو بعضا والكتابةولو تزوج الأخت نكاحا فاسدا لم تحرم عليه أمته الموطوأة إلا إذا دخل بالمنكوحة فحينئذ تحرم الموطوأة لوجود الجمع بينهما حقيقة ولا يؤثر الإحرام والحيض والنفاس والصوم وكذا الرهن والإجارة والتدبير لأن فرجها لا يحرم بهذه الأسباب وإذا عادت الموطوأة إلى ملكه بعد الإخراج سواء كان بفسخ أو شراء جديد لم يحل وطء واحدة منهما حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كما كان أولا وظاهر قولهم : لا يحل الوطء حتى يحرم أن النكاح صحيح وقد نصوا على ذلك وعللوه بصدوره عن أهله مضافا إلى محله وأورد عليه أن المنكوحة موطوأة حكما بإعترافهم فيصير بالنكاح جامعا وطءا حكما وهو باطل ومن هنا ذهب بعض المالكية إلى عدم الصحة وأجيب بأن لزوم الجمع بينهما وطءا حكما ليس بلازم لأن بيده إزالته فلا يضر بالصحة ويمنع من الوطء بعدها لقيامه إذ ذاك وإسناد الحرمة إلى الجمع لا إلى الثانية بأن يقال : وأخوات نسائكم للإحتراز عن إفادة الحرمة المؤبدة كما في المحرمات السابقة ولكونه بمعزل عن إفادة حرمة الجمع على سبيل المعية ويشترك في هذا الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها ونظائر ذلك فإن مدار حرمة الجمع بين الأختين إفضاؤه خلافا لما في المبسوط إلى قطع ما أمر الله تعالى بوصله كما يدل عليه ما أخرجه الطبراني من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم وما رواه أبو داؤد في مراسيله عن عيسى بن طلحة قال : نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة وذلك متحقق في الجمع بين من ذكرنا بل أولى فإن العمة والخالة بمنزلة الأم فقوله صلى الله تعالى عليه وسلم مبالغا في بيان التحريم : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على إبنة أختها ولا على إبنة أخيها من قبيل بيان التفسير لا بيان التعبير عند بعض المحققين .
وقال آخرون : إن الحديث مشهور فقد ثبت في صحيحي مسلم وإبن حبان ورواه أبو داؤد والترمذي والنسائي وتلقاه الصدر الأول بالقبول من الصحابة والتابعين ورواه الجم الغفير منهم أبو هريرة وجابر وإبن عباس وإبن عمر وإبن مسعود وأبو سعيد الخدري فيجوز تخصيص عموم قوله تعالى : وأحل لكم ما رواء ذلكم بل لو كان من أخبار الآحاد جاز التخصيص به غير متوقف على كونه مشهورا وقال إبن الهمام : الظاهر أنه لا بد من أدعاء الشهرة لأن الحديث موقعه النسخ لا التخصيص وبينه في فتح القدير فأرجع إليه إلا ما قد سلف إستثناء منقطع وقصد المبالغة والتأكيد هنا غير مناسب للتذييل بقوله تعالى : إن الله كان غفورا رحيما 32 لأن الغفران والرحمة لا يناسب تأكيد التحريم .
والمراد مما سلف ما مضى قبل النهي فإنهم كانوا يجمعون به الأختين أخرج أحمد وأبو داؤد والترمذي وحسنه وإبن ماجه عن فيرز الديلمي أنه أدركه الإسلام وتحته أختان فقال له النبي : طلق أيتهما شئت وقال عطاء والسدي : معناه إلا ما كان من يعقوب عليه السلام إذ جمع بين الأختين ليا أم يهودا وراحيل أم يوسف عليه السلام ولا يساعده التذييل لما أن ما فعله يعقوب عليه السلام إن صح كان حلالا في شريعته .
وعن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله تعالى إلا أمرأة الأب والجمع بين الأختين وروى مثله عن محمد بن الحسن وأنه قال : ألا يرى أنه قد عقب النهي عن كل منهما بقوله سبحانه : إلا ما قد سلف وهذا كما قال شيخ الإسلاميشير إلى كون الإستثناء فيهما على سنن واحد ويأباه إختلاف ما بعدهما .
تم الجزء الرابع من تفسير روح المعاني ويتلوه الجزء الخامس 5