بل بطريق الهبة والزوج لا يصح له الرجوع عن هبته لزوجته خصوصا إذا أوحشها بالفراق وقوله تعالى : وقد أفضى لا يعين كون المؤتى مهرا سلمنا كونه مهرا لكن لا نسلم كون عدم المغالاة أفضل منه .
فقد روى إبن حبان في صحيحه عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن من خير النساء أيسرهن صداقا وعن عائشة رضي الله تعالى عنها عنه صلى الله تعالى عليه وسلم يمن المرأة تسهيل أمرها في صداقها .
وأخرج أحمد والبيهقي مرفوعا أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا فنهى أمير المؤمنين عن التغالي يحتمل أنه كان للتيسير وميلا لما هو الأفضل ورغبة فيما أشار إليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قولا وفعلا وعدوله عن ذلك وعدم رده على القرشية كان من باب الترغيب في تتبع معاني القرآن وإستنباط الدقائق منه وفي إظهار الكبير العالم المغلوبية للصغير الجاهل تنشيط للصغير وإدخال للسرور عليه وحث له ولأمثاله على الإشتغال بالعلم وتحصيل ما يغلب به فقوله رضي الله تعالى عنه : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر كان من باب هضم النفس والتواضع وحسن الخلق وقد دعاه إليه ما دعاه ومع هذا لم يأمرهم بالمغالاة بل قصارى أمره أنه رفع النهي عنهم وتركهم وإختيارهم بين فاضل ومفضول ولا إثم عليهم في إرتكاب أي الأمرين شاؤا سلمنا أن هذه المسألة قد غابت عن أفق ذهنه الشريف لكن لا نسلم أن ذلك جهل يضر بمنصب الإمامة فقد وقع لأمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه مل ذلك وهو إمام الفريقين فقد أخرج إبن جرير وإبن عبدالبر عن محمد بن كعب قال : سأل رجل عليا كرم الله تعالى وجهه عن مسألة فقال فيها فقال الرجل : ليس هكذا ولكن كذا وكذا فقال الأمير : اصبت وأخطأنا وفوق كل ذي علم عليم وقد وقع لداؤد عليه السلام ما قص الله تعالى لنا في كتابه من قوله سبحانه : وداؤد وسليمان إذ يحكمان في الحرث إلى أن قال عز من قائل : ففهمناها سليمان فحيث لم ينقص ذلك من منصب النبوة والخلافة المشار إليها بقوله تعالى : ياداؤد إنا جعلناك خليفة في الأرض لا ينقص من منصب الإمامة كما لا يخفى فمن أنصف جعل هذه الواقعة من فضائل عمر رضي الله تالى عن لا من مطاعنه ولكن لا علاج لداء البغض والعناد ومن يضلل الله فما له من هاد .
ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم شروع في بيان من يحرم نكاحها من النساء ومن لا يحرم بعد بيان كيفية معاشرة الأزواج وهو عند بعض مرتبط بقوله سبحانه : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها وإنما خص هذا النكاح بالنهي ولم ينظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغة في الزجر عنه حيث كان ذلك ديدنا لهم في الجاهلية .
وأخرج إبن سعد عن محمد بن كعب قال : كان الرجل إذا توفي عن أمرأته كان إبنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه أو ينكحها من شاء فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام إبنه حصن فورث نكاح أمرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا فأتت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : أرجعي لعل الله تعالى ينزل فيك شيئا فنزلت ولا تنكحوا الآية ونزلت أيضا لا يحل لكم إلخ وذكر الواحدي وغيره أنها نزلت في حصن المذكور وفي الأسود بن خلف تزوج أمرأة أبيه وفي صفوان بن أمية بن خلف تزوج أمرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب وفي منظور بن ريان تزوج أمرأة أبيه مليكة بنت خارجة وأسم الآباء ينتظم الأجداد كيف كانوا بإعتبار معنى يعمهما لغة لا بإعتبار الجمع بين الحقيقة والمجاز و في النهاية إن دلالة الأب عل ىالجد بأحد طريقين : إما أن يكون المراد بالأب الأصل وإما بالإجماع ولا يخفى أن كون