أو نار وأعترض بأنه لو كان كذلك لوجب إبراز الضمير لأنهما جريا على غير من هما له وتعقبه أبو حيان بأن هذا على مذهب البصريين ومذهب الكوفيين جواز الوصفية في مثل ذلك ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذ لا لبس وله عذاب أي عظيم لا يكتنه مهين 41 أي مذل له والجملة حالية والمراد جمع أمرين للعصاة المعتدين عذاب جسماني وعذاب روحاني نسأل الله تعالى العافية وأستدل بالآية من زعم أن المؤمن العاصي مخلد في النار والجواب أنها لا تصدق عليه إما لأنها في الكافر على ما سمعت عن الكلبي وإبن جبير وإبن جريج وإما لأن المراد من حدود الله تعالى جميع حدوده لصحةالإستثناء والمؤمن العاصي واقف عند حد التوحيد وإما لأن ذلك مشروط بعدم العفو كما أنه مشروط بعدم التوبة عند الزاعم وفي ختم آيات المواريث بهذه الآية إشارة إلى عظم أمر الميراث ولزوم الإحتياط والتحري وعدم الظلم فيه وقد أخرج إبن ماجه عن أنس عن رسول الله أنه قال : من قطع ميراثا فرضه الله ورسوله قطع الله ميراثه من الجنة .
وأخرج أبو منصور عن سليمان بن موسى والبيهقي عن أبي هريرة نحو ذلك وأخرج الحاكم عن إبن مسعود أن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة عدو وكأن عدم القسمة إما للتهاون في الدين وعدم المبالاة وكثرة الظلم بين الناس وإما لفشو الجهل وعدم من يعرف الفرائض فقد ورد عن أبي هريرة مرفوعا إن علم الفرائض أول ما ينزع من الأمة وأخرج البيهقي والحاكم عن إبن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله : تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني أمرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الإثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بها ولعل الإحتمال الأول أظهر .
هذا وقد سددنا باب الإشارة في الآيات لما في فتحه من التكلف وقد تركناه لأهله .
واللآتي يأتين الفاحشة من نسائكم شروع في بيان بعض الأحكام المتعلقة بالرجال والنساء إثر بيان أحكام المواريث واللاتي جمع التي على غير قياس وقيل : هي صيغة موضوعة للجمع وموضعها رفع على الإبتداء والفاحشة ما أشتد قبحه وأستعملت كثيرا في الزنا لأنه من أقبح القبائح وهو المراد هنا على الصحيح والإتيان في الأصل المجيء وفي الصحاح يقال : أتيته أتيا قال الشاعر : .
فأختر لنفسك قبل اتى العسكر .
وأتوته أتوة لغة فيه ومنه قول الهذلي : .
كنت إذا أتوته من غيب .
وفي القاموس أتوته أتوة وأتيته أتيا وإتيانا وإتيانة بكسرهما ومأتاة وإتيا كعتي ويكسر جئته وقد يعبر به كالمجيء والرهق والغشى عن الفعل وشاع ذلك حتى صار حقيقة عرفية وهو المراد هنا فالمعنى يفعلن الزنا أي يزنين والتعبير بذلك لمزيد التهجين وقرأ إبن مسعود يأتين بالفاحشةفالإتيان على أصله المشهور و من متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل يأتين والمراد من النساءكما قال السدي وأخرجه عنه إبن جريرالنساء اللاتي قد أنكحن وأحصن ومثله عن إبن جبير فأستشهدوا أي فأطلبوا أن يشهد عليهن بإتيانهن الفاحشة أربعة منكم أي أربعة من رجال المؤمنين وأحرارهم قال الزهري : مضت السنة من رسول الله والخليفتين بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود وأشتراط الأربعة في الزنا تغليظا عل ىالمدعي وسترا على العباد وقيل : ليقوم نصاب الشهادة كاملا على كل واحد من الزانيين كسائر الحقوق ولا يخفى ضعفه والجملة خبر المبتدأ والفاء مزيدة فيه لتضمن معنى الشرط وجاز الإخبار بذلك لأن