الكلام صار في حكم الشرط حيث وصلت اللاتي بالفعلقاله أبو البقاءوذكر أنه إذا كان كذلك لم يحسن النصب على الإشتغال لأن تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير فأستشهدوا لأنه لا يصح أن يعمل النصب في اللاتي وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الإبتداء وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره أقصدوا اللاتي أو تعمدوا وقيل : الخبر محذوف والتقدير فيما يتلى عليكم حكم اللاتي فالجار والمجرور هو الخبر وحكم هو المبتدأ فحذفا لدلالة فأستشدهوا لأنه الحكم المتلو عليهم والخطاب قيل : للحكام وقيل : للأزواج فإن شهدوا عليهن بالإتيان .
فأمسكوهن أي فأحبسوهن عقوبة لهن في البيوت وأجعلوها سجنا عليهن حتى يتوفاهن الموت المراد بالتوفي أصل معناه أي الإستيفاء وهو القبض تقول : توفيت مالي على فلان وأستوفيته إذا قبضته وإسناده إلى الموت بإعتبار تشبيهه بشخص يفعل ذلك فهناك إستعارة بالكناية والكلام على حذف مضاف والمعنى حتى يقبض أرواحهن الموت ولا يجوز أنيراد من التوفي معناه المشهور إذ يصير الكلام بمنزلة حتى يميتهن الموت ولا معنى له إلا أن يقدر مضاف يسند إليه الفعل أي ملائكة الموت أو يجعل الإسناد مجازا من إسناد ما للفاعل الحقيقي إلى أثر فعله أو يجعل الله لهن سبيلا 51 أي مخرجا من الحبس بما يشرعه من الحد لهنقاله إبن جبيروأخرج الإمامان الشافعي وأحمد وغيرهما عن عبادة إبن الصامت قال : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وأربد وجهه وفي لفظ لإبن جرير يأخذه كهيئة الغشى لما يجد من ثقل ذلك فأنزل عليه ذات يوم فلما سرى عنه قال : خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة وروى إبن أبي حاتم عن إبن جبير أنه قال : كانت المرأة أول الإسلام إذا شهد عليها أربعة من المسلمين عدول بالزنا حبست في السجن فإن كان لها زوج أخذ المهر منها ولكنه ينفق عليها من غير طلاق وليس عليها حد ولا يجامعها .
وروى إبن جرير عن السدي كانت المرأة في بدء الإسلام إذا زنت حبست في البيت وأخذ زوجها مهرها حتى جاءت الحدود فنسختها وحكاية النسخ قد وردت في غير ما طريق عن إبن عباس ومجاهد وقتادة ورويت عن أبي جعفر وأبي عبدالله رضي الله تعالى عنهما والناسخ عند بعض آية الجلد على ما في سورة النور وعند آخرين إن آية الحبس نسخت بالحديث والحديث منسوخ بآية الجلد وآية الجلد بدلائل الرجم .
وقال الزمخشري : من الجائز أن لا تكون الآية منسوخة بأن يترك ذكر الحد لكونه معلوما بالكتاب والسنة ويوصى بإمساكهن في البيوت بعد أن يحددن صيانة لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروج من البيوت والتعرض للرجال ويكون السبيل على هذا النكاح المغنى عن السفاح وقال الشيخ أبو سليمان الخطابي في معالم السنن : إنه لم يحصل النسخ في الآية ولا في الحديث وذلك أن الآية تدل على أن إمساكهن في البيوت ممدود إلى غاية أن يجعل الله تعالى لهن سبيلا ثم إن ذلك السبيل كان مجملا فلما قال : خذوا عني إلى آخر ما في الحديث صار ذلك بيانا لما في تلك الآية لا ناسخا له وصار مخصصا لعموم آية الجلد وقد تقدم لك في سورة البقرة ما ينفعك في تحقيق هذا المقام فتذكره والذين يأتيانها منكم هما الزاني والزانية بطريق التغليب قاله السدي وإبن زيد وإبن جبير أراد بهما البكران اللذان لم يحصنا ويؤيد ذلك كون