إلى تفضيل الأنثى على الذكر المساوي لها في الجهة والقرب بل الأقوى منها في الإرث بدليل إضعافه عليها عند إنفرادهما عن أحد الزوجين وكونه صاحب فرض وعصبة وذلك خلاف وضع الشرع وهذا الأفضاء ظاهر في المسألة الأولى وبذلك علل زيد بن ثابت حكمه فيها مخالفا لإبن عباس فقد أخرج عبدالرزاق والبيهقي عن عكرمة قال : أرسلني إبن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين فقال زيد : للزوج النصف وللأم ثلث ما بقى وللأب بقية المال فأرسل إليه إبن عباس أفي كتاب الله تعالى تجد هذا قال : لا ولكن أكره أن أفضل أما على أب ولا يخفى أن هذا لا ينتهض مرجحا لمذهب الجمهور على مذهب الأصم ومن هنا قال السيد السند وغيره في نصرة مذهبهم عادلين عن المسلك الذي سلكناه : إن معنى قوله تعالى : فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث هو أن لها ثلث ماورثاه سواء كان جميع المال أو بعضه وذلك لأنه لو أريد ثلث الأصل لكفى في البيان فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث كما قال تعالى في حق البنات : وإن كانت واحدة فلها النصف بعد قوله سبحانه : فإن كن نساء فوق إثنتين فلهن ثلثا ما ترك فيلزم أن يكون قوله تعالى : وورثه أبواه خاليا عن الفائدة فإن قيل : نحمله على أن الوراثة لهما فقط قلنا : ليس في العبارة دلالة على حصر الإرث فيهما وإن سلم فلا دلالة في الآية حينئذ على صورة النزاع لا نفيا ولا إثباتا فيرجع فيهما إلى أن الأبوين في الأصول كالإبن والبنت في الفروع لأن السبب في وراثة الذكر والأثنى واحد وكل منهما يتصل بالميت بلا واسطة فيجعل ما بقى من فرض أحد الزوجين بينهما أثلاثا كما في حق الإبن والبنت وكما في حق الأبوين إذا أنفردا بالإرث فلا يزيد نصيب الأم على نصف نصيب الأب كما يقتضيه القياس فلا مجال لما ذهب إليه الأصم أيضا على هذا وليته سمع ذلك فليفهم .
وقد أختلفوا أيضا في حظ الأم فيما إذا كان مكان الأب جد وباقي المسألة على حالها فمذهب إبن عباس وإحدى الروايتين عن الصديق وروى ذلك اهل الكوفة عن إبن مسعود في صورة الزوج وحده إن للأم ثلث جميع المال وقول أبي يوسف وهو الرواية الأخرىعن الصديق رضي الله تعالى عنه : إن لها ثلث الباقي كما مع الأب فعلى هذه الرواية جعل الجد كالأب فيعصب الأم كما يعصبها الأب و الوجه على الرواية الأولى على ما ذكره الفرضيون هو أنه ترك ظاهر قوله تعالى : فلأمه الثلث في حق الأب وأول بما مر لئلا يلزم تفضيلها عليه مع تساويهما في القرب في الرتبة وأيد التأويل بقول أكثر الصحابة وأما في حق الجد فأجرى على ظاهره لعدم التساوي في القرب وقوة الإختلاف فيما بين الصحابة ولا إستحالة في تفضيل الأنثى على الذكر مع التفاوت في الدرجة كما إذا ترك أمرأة وأختا لأم وأب وأخا للأب فإن للمرأة الربع وللأخت النصف وللأخ لأب الباقي فقد فضلت ههنا الانثى لزيادة قربها على الذكر وأيضا للأم حقيقة الولاد كما للأب فيعصبها والجد له حكم الولاد لا حقيقته فلا يعصبها إذ لا تعصيب مع الإختلاف في السبب بل مع الإتفاق فيه فإن كان له إخوة فلأمه السدس الجمهور على أن المراد بالأخوة عدد ممن له أخوة من غير إعتبار التثليث سواء كانوا من الإخوة أو الأخوات وساء كانوا من جهة الأبوين أو من جهة أحدهما .
وخالف إبن عباس في ذلك فإنه جعل الثلاثة من الإخوة والأخوات حاجبة للأم دون الاثنين فلها معهما الثلث عنده بناءا على أن الأخوة صيغة الجمع فلا يتناول المثنى وبهذا حاج عثمان بن عباس رضي الله تعالى عنهما فقد أخرج إبن جرير والحاكم والبيهقي في سننه عن إبن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين