ولكنه نقل نسبة الخبرية إلى كل واحد منهما دون لأبويه وأختير هذا التركيب من أن يقال : ولكل واحد من أبويه السدس لما في الأول من الإجمال والتفصيل الذي هو أوقع في الذهن دون الثاني ودون أن يقال : لأبويه السدسان للتنصيص على تساوي الأبوين في الأول وعدم التنصيص على ذلك في الثاني لإحتماله التفاضل وكونه خلاف الظاهر لا يضر لأنه يكفي نكتة للعدول .
وقرأ الحسن ونعيم بن ميسرة السدس بالتخفيف وكذلك الثلث والربع والثمن مما ترك متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن في الظرف الراجع إلى المبتدأ والعامل الإستقرار أي كائنا مما ترك المتوفي إن كان له ولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر وولد الإبن كذلك ثم إن كان الولد ذكرا كان الباقي له وإن كانوا ذكورا فالباقي لهم بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانت بنتا فلها النصف ولأحد الأبوين السدس أولهما السدسان والباقي يعود للأب إن كان لكن بطريق العصوبة وتعدد الجهات منزل منزلة تعدد الذوات وإن كان هناك أم وبنت فقط فالباقي بعد فرض الأم والبنت يرد عليهما وزعمت الإمامية في صورة أبوين أو أب أو أم وبنت أن الباقي بعد أخذ كل فرضه يرد عل ىالبنت وعلى أحد الأبوين أو عليهما بقدر سهامهم فإن لم يكن له ولد ولا ولد إبن وورثه أبواه فقط وهو مأخوذ من التخصيص الذكري كما تدل عليه الفحوى فلأمه الثلث مما ترك والباقي للأب وإنما لم يذكر لعدم الحاجة إليه لأنه لما فرض إنحصار الوارث في أبويه وعين نصيب الأم علم أن الباقي للأب وهو مما أجمع عليه المسلمون وقيل : إنما لم يذكر لأن المقصود تغيير السهم وفي هذه الصورة لم يتغير إلا سهم الأم وسهم الأب بحاله وإنما يأخذ الباقي بعد سهمه وسهم الأم بالعصوبة فليس المقام مقام حصة الأبوفيه تأمللأن الظأهر أن أخذ الأب الباقي بعد فرض الأم بطريق العصوبة وبه صرح الفرضيون وتخصيص جانب الأم بالذكر وإحالة جانب الأب على دلالة الحال مع حصول البيان بالعكس أيضا لذلك ولما أن حظها أخصر وإستحقاقه أتم وأوفر هذا إذ لم يكن معهما أحد الزوجين أما إذا كان معهما ذلك وتسمى المسألتان بالغراوين وبالغريبتين وبالعمريتين فللأم ثلث ما بقى بعد فرض أحدهما عند جمهور الصحابة والفقهاء لا ثلث الكل خلافا لإبن عباس رضي الله تعالى عنهما مستدلا بأنه تعالى جعل لها أولا سدس التركة مع الولد بقوله سبحانه : ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ثم ذكر أن لها مع عدمه الثلث بقوله عزوجل : فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فيفهم منه أن المراد ثلث أصل التركة أيضا .
ويؤيده أن السهام المقدرة كلها بالنسبة إلى أصلها بعد الوصية والدين وإلى ذلك ذهبت الإمامية وكان أبو بكر الأصم يقول : بأن لها مع الزوج ثلث ما يبقى من فرضه ومع الزوجة ثلث الأصل ونسب إلى إبن سيرين لأنه لو جعل لها مع الزوج ثلث جميع المال لزم زيادة نصيبها على نصيب الأب لأن المسألة حينئذ من ستة لإجتماع النصف والثلث فللزوج ثلاثة وللأم إثنان على ذلك التقدير فيبقى للأب واحد وفي ذلك تفضيل الأنثى على الذكر وإذا جعل لها ثلث ما بقى من فرض الزوج كان لها واحد وللأب إثنان ولو جعل لها مع الزوجة ثلث الأصل لم يلزم ذلك التفضيل لأن المسألة من إثني عشر لإجتماع الثلث والربع فإذا أخذت الأم أربعة بقى للأب خمسة فلا تفضيل لها عليه ورجح مذهب الجمهور على مذهب إبن عباس رضي الله تعالى عنهما بخلوه عن الإفضاء