قد إنقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم أو أكثر وذكر الشيخ الأكبر قدس سره في فتوحاته ما يقتضي بظاهره أن قبل آدم بأربعين ألف سنة آدم غيره وفي كتاب الخصائص ما يكاد يفهم منه التعدد أيضا الآن حيث روى فيه عن الصادق أنه قال : إن لله تعالى إثني عشر ألف عالم كل عالم منهم أكبر من سبع سموات وسبع أرضين ما يرى عالم منهم أن لله عزوجل عالما غيرهم وأنى للحجة عليهم ولعل هذا وأمثاله من أزض السمسمةوجابر ساوجا بلقا إن صح محمول على عالم المثال لا على هذا العالم الذي نحن فيه وحمل تعدد آدم في ذلك العالم أيضا غير بعيد وأما القول بظواهر هذه الأخبار فمما لا يراه أهل السنة والجماعة بل قد صرح زين العرب بكفر من يعتقد التعدد نعم إن آدمنا هدا عليه السلام مسبوق بخلق آخرين كالملائكة والجن وكثير من الحيوانات وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى لا بخلق أمثاله وهو حادث نوعا وشخصا خلافا لبعض الفلاسفة في زعمهم قدم نوع الإنسان وذهب الكثير منا إلى أنه منذ كان إلى زمن البعثة ستة آلاف سنة وأن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة ورووا أخبارا كثيرة في ذلك والحق عندي أنه كان بعد أن لم يكن ولا يكون بعد أن كان وأما أنه متى كان ومتى لا يكون فمما لا يعلمه إلا الله تعالى والأخبار مضطربة في هذا الباب فلا يكاد يعول عليها .
والقولبأن النفس الكلى يجلس لفصل القضاء بين الأنفس الجزئية في كل سبعة آلاف سنة مرة وأن قيام الساعة بعد تمام ألإف البعثة محمول على ذلكفمما لا أزتضيه دينا ولا أختاره يقينا والخطاب في ربكم و خلقكم للمأمورين وتعميمه بحيث يشمل الأمم السالفة مع بقاء ما تقدم من الخطاب غير شامل بناءا على أن شمول ربوبيته تعالى وخلقه للكل أتم في تأكيد الأمر السابق مع أن فيه تفكيكا للنظم مستغنى عنه لأن خلقه تعالى للمأورين من نفس آدم عليه السلام حيث كانوا بواسطة ما بينه وبينهم من الآباء والأمهات كان التعرض لخلقهم متضمنا لحق الوسائط جميعا وكذا التعرض لربوبيته تعالى لهم متضمن لربوبيته تعالى لأصولهم قاطبة لا سيما وقد أردف الكلام بقوله تعالى شأنه : وخلق منها زوجها وهو عطف على خلقكم داخل معه في حيز الصلة وأعيد الفعل لإظهار ما بين الخلقين من التفاوت لأن الأول بطريق التفريع من الأصل والثاني بطريق الإنشاء من المادة فإن المراد من الزوج حواء وهي قد خلقت من ضلع آدم عليه السلام الأيسر كما روى ذلك عن إبن عمر وغيره وروى الشيخان أستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء من الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج وأنكر أبو مسلم خلقها من الضلع لأنه سبحانه قادر على خلقها من التراب فأي فائدة في خلقها من ذلك وزعم أن معنى منها من جنسها والآية على حد قوله تعالى : جعل لكم من أنفسكم أزواجا ووافقه على ذلك بعضهم مدعيا أن القول بما ذكر يجر إلى القول بأن آدم عليه السلام كان ينكح بعضه بعضا وفيه من الإستهجان ما لا يخفى وزعم بعض أن حواء كانت حورية خلقت مما خلق منه الحور بعد أن أسكن آدم الجنة وكلا القولين باطل أما الثاني فلأنه ليس في الآيات ولا الأحاديث ما يتوهم منه الإشارة إليه أصلا فضلا عن التصريح به ومع هذا يقال عليه : إن الحور خلقن من زعفران الجنة كما ورد في بعض الآثارفإن كانت حواء مخلوقة مما خلقن منهكما هو نص كلام الزاعمفبينها وبين آدم عليه السلام المخلوق من تراب الدنيا بعد كلى يكاد يكون إفتراقا في الجنسية التي ربما توهمها الآية ويستدعي