الظرف من معنى الإستقرار إن كان بمعنى ما يعد إلخ وجعل الجنة حينئذ نفسها نزلا من باب التجوز أو بتقدير مضاف أي ذات نزل وإما على الحالية من الضمير في خالدين إن كان جمعا وإما على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف إن كان مصدرا وهو حينئذ بمعنى النزول أي نزلوها نزلا وجوز على تقدير مصدريته أن يكون بمعنى المفعول فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها أي منزولة والظرف صفة نزلا إن لم تجعله جمعا وإن جعلته جمعا ففيهكما قال أبو البقاءوجهان : أحدهما أنه حال من المفعول المحذوف لأن التقدير نزلا إياها والثاني أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي ذلك من عندالله أي بفضله وذهب كثير من العلماء على أن النزل بالمعنى الأولوعليه تمسك بعضهم بالآية على رؤية الله تعالى لأنه لما كانت الجنة بكليتها نزلا فلابد من شيء آخر يكون أصلا بالنسبة إليها وليس وراء الله تعالى شيءوهو كما ترى نعم فيه حينئذ إشارة إلى أن القوم ضيوف الله تعالى وفي ذلك كمال اللطف بهم وما عندالله من الأمور المذكورة الدائمة لكثرته ودوامه خير للأبرار 891 مما يتقلب فيه الفجار من المتاع القليل الزائل لقلته وزواله والتعبير عنهم بالأبرار ووضع الظاهر موضع الضمير كما قيل : للأشعار بأن الصفات المعدودة من أعمال البر كما أنها من قبيل التقوى والجملة تذييل وزعم بعضهم أن هذا مما يحتمل أن يكون إشارة إلى الرؤية لأن فيه إيذانا بمقام العندية والقرب الذي لا يوازيه شيء من نعيم الجنة والموصول مبتدأ والظرف صلته و خير خبره وللأبرار صفة خير .
وجوز أن يكون للأبرار خبرا والنية به التقديم أي والذي عند الله مستقر للأبرار و خير على هذا خبر ثان وقيل للأبرار حال من الضمير في الظرف و خير خبر المبتدأ وتعقبه أبو البقاء بأنه بعيد لأن فيه الفصل بين المبتدأ والخبر بحال لغيره والفصل بين الحال وصاحب الحال غير المبتدأ وذلك لا يجوز في الإختيار وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله أخرج إبن جرير عن جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لمات النجاشي : أخرجوا فصلوا عن أخ لكم فخرج فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات فقال المنافقون : أنظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وروى ذلك أيضا عنإبن عباس وأنس وقتادة وعن عطاء أنها نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران من بني الحرث بن كعب إثنين وثلاثين من أزض الحبشة وثمانية من الروم كانوا جميعا على دين عيسى عليه السلام فآمنوا بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وروى عن إبن جريج وإبن زيد وإبن إسحاق أنها نزلت في جماعة من اليهود أسلموا منهم عبدالله بمن سلام ومن معه وعن مجاهد أنها نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلهم وأشهر الروايات أنها نزلت في النجاشيوهو بفتح النون على المشهور كما قال الزركشي .
ونقل إبن السيد كسرهاوعليه إبن دحيةوفتح الجيم مخففة وتشديدها غلطوآخره ياء ساكنة وهو الأكثر رواية لأنها ليس بالنسبة ونقل إبن الأثير تشديدها ومنهم من جعله غلطاوهو لقب كل من ملك الحبشةوأسمه أصحمةبفتح الهمزة وسكون الصاد المهلمة وحاء مهملةوالحبشة يقولونه بالخاء المعجمة ومعناه عندهم عطية الصنم وذكر مقاتل في نوادر التفسير أن أسمه مكحول بن صعصعة والأول هو المشهور وقد توفي في رجب سنة تسع والجملة مستأنفة سيقت لبيان أن أهل الكتاب ليس كلهم كمن حكيت صفاتهم من نبذ الميثاق وتحريف الكتاب وغير ذلك بل منهم من له مناقب جليلة وفيها أيضا تعريض بالمنافقين