قالا : من أمة من ؟ قلت : من أمة محمد ؟ .
قالا : أو قد بعث ؟ قلت : نعم .
قالا : اجتمع الناس على رجل واحد أو هم مختلفون ؟ قلت : قد اجتمعوا على رجل واحد .
قال : فساءهما ذلك فقالا : كيف ذات بينهم ؟ قلت سيىء .
فسرهما ذلك فقالا : هل بلغ البنيان بحيرة الطبرية ؟ قلت : لا .
فساءهما ذلك فسكتا .
فقلت لهما : ما بالكما حين أخبرتكما باجتماع الناس على رجل واحد ساءكما ذلك ؟ فقالا : إن الساعة لم تقرب ما دام الناس على رجل واحد .
قلت : فما بالكما سركما حين أخبرتكما بفساد ذات البين ؟ قالا : لأنا رجونا اقتراب الساعة .
قال : قلت : فما بالكما ساء كما أن البنيان لم يبلغ بحيرة الطبرية ؟ قالا : لأن الساعة لا تقوم أبدا حتى يبلغ البنيان بحيرة الطبرية .
قال : قلت لهما : أوصياني .
قالا : إن قدرت أن لا تنام فافعل فإن الأمر جد .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : وأما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والبينات فقال لهم ربهم : اختاروا منكم ملكين أنزلهما في الأرض بين بني آدم فاختاروا فلم يألوا بهاروت وماروت فقال لهما حين أنزلهما : أعجبتما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء وأنتما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا فأمرهما بأمر ونهاهما ثم نزلا على ذلك ليس أحد لله أطوع منهما فحكما فعدلا فكانا يحكمان النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا وكانا مع الملائكة وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتىأنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها .
فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه : وجدت مثل ما وجدت ؟ قال : نعم .
فبعثا إليها أن ائتينا نقض لك .
فلما رجعت قضيا لهاوقالا لها : ائتينا فأتتهما فكشفا لها عن عورتها وإنما كانت شهوتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذتها فلما بلغا ذلك واستحلاه وافتتنا طارت الزهرة فرجعت حيث كانت فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا : ادع لنا ربك .
فقال : كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا : : سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء .
فوعدهما يوما وعدا