أمي تعطيني من المال حاجتي فأنفقه وأفسده وأبذره ولا تسألني أمي عنه فلما طال ذلك وكبرت أحببت أن أعلم من أين لأمي هذه الأموال فقلت لها يوما : من أين لك هذه الأموال ؟ فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك فأححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا فلم أزل اسألها وألح فأدخلتني بيتا فيه أموال كثيرة فقالت : يا بني هذا كله لك فكل وتنعم ولا تسأل عنه .
فقلت : لا بد من أن أعلم من أين هذا .
قال : فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك .
قال : فألححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا وجمع هذه الأموال من السحر .
قال : فأكلت ما أكلت ومضى ما مضى ثم تفكرت قلت : يوشك أن يذهب هذا المال ويفنى فينبغي أن أتعلم السحر فأجمع كما جمع أبي فقلت لأمي : من كان خاصة أبي وصديقه من أهل الأرض ؟ قالت : فلان لرجل في مكان ما .
فتجهزت فأتيته فسلمت عليه فقال : من الرجل ؟ قلت : فلان بن فلان صديقك .
قال : نعم مرحبا ما جاء بك فقد ترك أبوك من المال ما لا يحتاج إلى أحد ؟ قال : فقلت : جئت لأتعلم السحر .
قال : يا بني لا تريده لا خير فيه .
قلت : لابد من أن أتعلمه .
قال : فناشدني وألح علي أن لا أطلبه ولا أريده .
فقلت : لا بد من أن أتعلمه .
قال : أما إذا أبيت فاذهب فإذا كان يوم كذا وكذا فوافن ههنا .
قال : ففعلت فوافيته قال : فأخذ يناشدني أيضا وينهاني ويقول : لا تريد السحر لا خير فيه .
فأبيت عليه فلما رآني قد أبيت قال : فإني أدخلك موضعا فإياك أن تذكر الله فيه .
! قال : فأدخلني في سرب تحت الأرض .
قال : فجعلت أدخل ثلثمائة وكذا مرقاة ولا أنكر من ضوء النهار شيئا قال : فلما بلغت أسفله إذا أنا بهاروت وماروت معلقان بالسلاسل في الهواء قال : فإذا أعينهما كالترسة ورؤوسهما ذكر شيئا لا أحفظه ولهما أجنحةفلما نظرت إليهما قلت : لا إله إلا الله قال : فضربا بأجنحتهما ضربا شديدا وصاحا صياحا شديدا ساعة ثم سكتا ثم قلت : أيضا لا إله إلا الله ففعلا مثل ذلك ثم قلت الثالثة ففعلا مثل ذلك أيضا ثم سكتا وسكت فنظرا إلي فقالا لي : آدمي .
؟ فقلت : نعم .
قال : قلت ما بالكما حين ذكرت الله فعلتما ما فعلتما .
! قالا : إن ذلك اسم لم نسمعه من حين خرجنا من تحت العرش