دور ثقافة التقريب في تعزيز الهوية الإسلامية

دور ثقافة التقريب في تعزيز الهوية الإسلامية

 

دور ثقافة التقريب في تعزيز الهوية الإسلامية


د.نابي بوعلي
قسم العلوم الاجتماعية
جامعة معسكر - الجزائر


ملخص
إن ما قضى عليه الإسلام من مظاهر الباطل لن ينهض أبدا في بلاد المسلمين، وما أسسه على تقوى لن يزول أبدا، وأن الإصلاح الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم به غيره عبر مسيرة الإنسانية، وبهذه الاعتبارات يمثل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم رمز الأمة الإسلامية وإمامها ومعلمها وقائدها نحو الفلاح في الدنيا والآخرة مصداقا لقوله تعالى" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". لقد ظلت البشرية في حاجة ماسة إلى هذا الرجل العظيم الذي بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق وينشر قيم الحق والعدالة والخير، من أجل سعادة الناس جميعا لكي يحيوا بها حياة حرة  كريمة في كل زمان ومكان مصداقا لقوله تعالى" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". إن تلك القيم السامية التي جاء بها الدين الإسلامي لو احترمت لمحيت كل مظاهر الغبن وأشكال استعباد البشر لبعضهم البعض، وساد الأمن والاستقرار، لأن إرساء قواعد العدالة الاجتماعية ومنطق الحقوق والواجبات وتكريم الإنسان في ذاته بدون البنى الروحية الإسلامية لم يكن ممكنا أبدا، وهذا ما دفع بالقلوب العامرة بالحقد على المسلمين على القدح والإساءة للدين الإسلامي دون مبرر، وهي إساءات خطيرة لم يبحها أي دين آخر، ولم تقرّها أية شريعة من الشرائع، ولم تأمر بها أية قوانين وضعية، ولا تنسجم مع العقل والحس البشري والفطرة السليمة. والفرضية التي انطلق منها في هذه الورقة هي: أنه كلما تصاعدت حملة الاعتداءات على المسلمين، فإن ذلك يعني بالضرورة أن المسلمين يسيرون في الطريق السليم...طريق الصحوة والتقارب والتصالح مع الذات والتاريخ، وهذا هو بالضبط ما يزعج قوى الاستكبار الغربي وهواة التسلط ليهموا بالسيطرة على العالم لإلغاء الآخر وجودا وتاريخا، حيث يمارسون كل الأساليب من أجل إجهاض أي عملية تنموية تعود بالخير على الأمة الإسلامية، بل يعملون على إتعاب المسلمين وإشغالهم عن التحديات الحقيقية والرهانات المستقبلية ويحرصون على إبقائهم ضعفاء متفرقين. ولذلك لا بد من كسب معركة التقريب من خلال تفعيل وإشاعة ثقافة التقريب وتوسيع جسور ومسالك الحوار بين أهل المذاهب الإسلامية والوقوف على مقاصد الحوار في الإسلام وأبعاده، وكذلك التعرف إلى منطق الخلاف الذي هو من طبيعة البشر، من أجل تعزيز الهوية الإسلامية في مقابل الهوية المركبة التي يسعى الغرب لفرضها بالقوة ضمن مخططات العولمة. إنّ أقوى رد على هذه التحديات لا يكون إلا بالوحدة والتوحد والمحافظة على هوية الأمة بمد جسور الحوار المفضي إلى التقريب، وحل الخلافات بالأساليب الحضارية، وإشراك الجميع في طاولة الحوار الذي سيكون له بدون شك آثارا طيبة تسهم في رأب الصدوع التي أحدثتها آفات الزمن في جسد الأمة، وهو ما يقوي مناعة المسلمين ويعزز خطوط الدفاع والمقاومة للوقوف في وجه الروح العدوانية الموجهة ضد هم من طرف قوى الاستكبار الغربي التي تعمل سرا وعلانية على تأجيج التوترات السياسية والاجتماعية والدينية في كل زاوية من زوايا الكرة الأرضية يوجد بها المسلمون ليعودوا إلى زمن القبيلة والعشيرة والطائفية والعصبية بعيدا عن رسالة الإسلام الخالدة التي لا هوية ولا عزة للمسلمين إلا بها