الوجود الإسلامي في فرنسا: الواقع والآفاق

الوجود الإسلامي في فرنسا: الواقع والآفاق

 

 

الوجود الإسلامي في فرنسا: الواقع والآفاق

 

 الدكتور مولود عويمر

أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الجزائر

 

تنطلق هذه الدراسة بالدرجة الأولى من خضم تجربتي الشخصية في فرنسا التي عشت فيها اثنتي عشرة سنة (1992-2004) طالبا في الدراسات العليا بجامعة باريس ثم أستاذا وباحثا جامعيا في المجالات الحضارية لعدة سنوات، وقد تعاونت خلال تلك الأعوام مع العاملين في المراكز الثقافية الإسلامية. واحتككت بالباحثين في الشأن الإسلامي في أوروبا والراصدين لمستقبل العلاقات بين الإسلام والغرب. واستعنت بآخر أبحاثهم وأعمالهم لإثراء هذه الورقة عن "الوجود الإسلامي في فرنسا بين الواقع والآفاق".

ونظرا لتشعب هذا الموضوع، ارتأيت أن أركز في بحثي على دراسة وتحليل الإشكاليات التالية: ما هي الملامح العامة للوجود الإسلامي في فرنسا؟ كيف يتفاعل المسلمون الفرنسيون مع العلمانية الفرنسية وتداعيات العولمة؟ ما هو موقف الفرنسيين من العمل الإسلامي في فرنسا؟ ما هي الموجهات الأساسية لمستقبل الإسلام في فرنسا؟

 

1/ المشهد الديني:

وندرس هنا التجربة الإسلامية التي استفادت من الفضاءات المتعددة المتاحة لخدمة الإسلام وتمكينه دينا وحضارة. وعلى عكس ما نسمعه من مضايقات للعمل الإسلامي في الغرب، ودون أن ننفي وجود تيارات تسعى للتضييق على المسلمين وتقليص نشاطهم الدعوي وتأثيرهم الثقافي والاقتصادي، فإننا نؤكد هنا على وجود مساحات شاسعة للحرية تسمح للمسلمين أن يقيموا شعائرهم في هذا البلد ويحافظوا على هوياتهم وتقاليدهم دون أية مضايقة قانونية أو سياسية رسمية. والمشاهد التالية تقدم لنا صورة واضحة عن حيوية الوجود الإسلامي في فرنسا وتدعم ما نقول وتؤكده.

 

أ- ظهور المساجد والمراكز الإسلامية:

استفاد المسلمون من قانون 1905 الذي يفصل بين الدين والدولة، فأسسوا مساجد عبر التراب الفرنسي. وقد تحدث الصحفي في جريدة لوموند العريقة عن "فرنسا المساجد" وهو عنوان كتاب صدر له العام 2004. ليس هنالك إحصائيات دقيقة عن عدد المساجد في فرنسا وإنما تشير بعض الدراسات إلى حوالي 1500 مسجد وقاعة للصلاة ومدرسة قرآنية بينما تعترف وزارة الداخلية الفرنسية فقط بـ 1316 مسجد([1]). وتسيرها ثلاث جمعيات كبرى: الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا برئاسة محمد بشاري وإتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا برئاسة التهامي إبريز ومسجد باريس الكبير برئاسة دليل بوبكر بالإضافة إلى جماعة الدعوة والتبليغ وبعض الجمعيات المسيرة من المسلمين الأتراك والباكستانيين.

يؤم المسلمون هذه المساجد في كل الأوقات وتقدم فيها الدروس الدينية واللغة العربية للصغار والكبار. وتزداد حركة المسجد في رمضان والمواسم الدينية الأخرى من عيد الفطر والأضحى، المولد النبوي الشريف وعاشوراء... ويزداد دور المسجد وحاجة الناس إليه كلما توغلنا داخل التراب الفرنسي، إذ يمثل المسجد في بعض المدن الداخلية المكان الوحيد الذي يلتقي فيه المسلمون. ويقدم المسجد خدمات اجتماعية تعبر عن التضامن بين المسلمين خاصة في بدايات التسعينات من القرن الماضي الذي عرفت خلالها فرنسا أزمة اقتصادية حادة وما انعكس عن ذلك من تفاقم البطالة في صفوف الجالية الإسلامية.

وتحولت هذه المساجد إلى جزء من البيئة والفضاء العام espace urbain وبدأ الفرنسيون في اعتبارها جزءاً  من حضارتهم المتفتحة على الغير وهذا التحرر النفسي من مخلفات الحروب الصليبية وتركات الاستعمار الحديث أزال الخوف من قلوب كثير الفرنسيين وخفف سوء التفاهم الملتصق بأذهانهم. وثمة عدة مساجد أصبحت مزارات للسائحين الفرنسيين القادمين من الأقاليم الداخلية والأوروبيين ولعل أشهر هذه المساجد مسجد باريس الكبير ومسجد إيفري في ضواحي باريس ومسجد الكبير في مدينة ليون...الخ. فهذه الجوامع تمثل بحق تحفا معمارية جميلة تذكرنا بمجد المسلمين في الأندلس.

 

ب- إحياء المناسبات الدينية:

أشرنا من قبل إلى السماح للمسلمين بإحياء المناسبات الدينية وخاصة الاحتفال بالعيد الأضحى لما يتطلب من وقت لذبح الأضحية وزيارة الأقارب. وقد كانت العطل تتم بالتفاهم بين العمال وأرباب العمل، وبين التلاميذ ومدراء المؤسسات التربوية. وفي سنة 2003 اعترف القانون الفرنسي بالاحتفال بيوم العيد الكبير كعيد لمسلمي فرنسا. ويصر الآباء على الاحتفال بالأعياد الإسلامية كرمز للانتماء للإسلام وحفظ للتقاليد الإسلامية وهم يعرفون جيدا مدى تأثر أطفالهم بالحملة الإعلامية والحركة الاقتصادية التي تسبق الاحتفال بعيد المسيح وكأن أوروبا تعيش حقا في عصر المسيحية. وأصبح من الصعب محو هذه الصور من أذهان الأطفال المسلمين إن لم تعوض بصور وذكريات إسلامية أفضل وأجمل.

تجتمع العائلات المسلمة في المساجد أو المراكز الإسلامية ويحتفل الكل بالأعياد الإسلامية حيث يتقاسم الكل الفرحة ويتناولون الحلويات وما طاب من الأكل الشرقي في شكل جماعي. وقد عشت شخصيا هذه التجربة في عدة مدن فرنسية.

 

ج- توحيد المرجعية الدينية:

لقد أصبح الاهتمام بفقه الأقليات من أكبر متطلبات الإسلام ويتعلق كثيرا مستقبله في الغرب على اجتهاد العلماء المسلمين في القضايا والمسائل الجديدة التي تفرزها حياة المسلمين في الغرب. وقد شعر علماء الإسلام بمدى تأخرهم في هذا الميدان خاصة وأن فقه الأقليات لا يخص فقط المسلمين في الغرب وإنما هناك قضايا وإشكاليات تطرح باستمرار على الفقه نتيجة للتطور السريع في مختلف مجالات الحياة فرضتها العولمة الدينية والثقافية.

إن الظروف التي يعيشها المسلمون في عصر العولمة غير الظروف التي عاشها المسلمون في العصور الماضية؛ فعصرنا هو عصر التغيير السريع. وآخر إشكالية هي قضية رفض القنصليات السعودية بفرنسا تقديم تأشيرات الحج للفرنسيات المعتنقات للإسلام بحجة عدم توفر محرم. من أين لهذه المسلمات أن يأتين بمحرم وهن ينتمين لأسر لا علاقة لها بالإسلام؟ ألا يمكن لهذا الرفض أن يدفعهن إلى الردة عن الإسلام وينفر الأوروبيات القادمات نحو هذا الدين؟

ثمة في التراث الإسلامي فقه المعاملات مع غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي بينما المطلوب اليوم وغدا هو دراسة فقه المسلمين في مجتمع غير إسلامي. ونعترف هنا أن الفقه الإسلامي تقدم خطوات كبيرة عندما فصل في قضيتين جوهريتين: جواز إقامة المسلم في بلد غير إسلامي وتجاوز إشكالية التجنيس التي لا تتعرض مع روح الإسلام مادام التجنس يعني فقط اكتساب مواطنة جديدة دون التخلي عن الدين والأحوال الشخصية الإسلامية.

ونظمت عدة ندوات ومؤتمرات في فرنسا تبحث في هذه المسائل الفقهية الجديدة في تعاون تام بين العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية المعروفة. وازدادت الحاجة لذلك بعد أن تشعبت المرجعيات الشرعية التي تفتي للمسلمين في أوروبا عن طريق القنوات الفضائية العربية وهي بعيدة عن الواقع الغربي.

ويعتبر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي تأسس في سنة 1999 نموذجا في إصدار فتاوى شرعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الوجود الإسلامي في الغرب. وقد لفت انتباه المراصد الفرنسية المتابعة لتطور التدين الإسلامي في فرنسا وخصصت له عدة دراسات جامعية ومقالات صحفية.

 

2/الحراك الثقافي:

أ- مؤسسات فكرية وتعليمية:

تنشط في الساحة الإسلامية في فرنسا مجموعة من الجمعيات الإسلامية الكبرى أهمها: إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، مسجد باريس الكبير، الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا، جماعة الدعوة والتبليغ... وتشرف كل من هذه المنظمات على شبكة من الجمعيات الخيرية والدعوية والمؤسسات التربوية. وتوحدت في عام 2003 تحت ضغط وزير الداخلية نيكولاي ساركوزي وشكلت هيئة رسمية تنطق باسم جميع مسلمي فرنسا وهو المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ((CFCM الذي سنتطرق له فيما بعد.

أنشأ المسلمون مجموعة من المؤسسات التربوية لترفع من مستويات المسلمين الدينية واللغوية والفكرية. ولعل أبرزها المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، مكتب المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مركز الدراسات الحضارية، مركز البحوث والدراسات، المعهد العالي للدراسات الإسلامية، مركز الدراسات العربية، مركز الدراسات الشرقية،  المركز الاجتماعي والثقافي، جمعية التوحيد ومدرسة النجاح ومدرسة المستقبل...

كما أن هذه المؤسسات تقوم بتأطير الجالية الإسلامية وتنظيم العمل الإسلامي في فرنسا في حدود القانون الفرنسي القائم على العلمانية وحرية التدين. وتمكن بعض العلمانيين الجدد من تغيير بعض نصوصه في محاولة لتقليص المد الديني في المجتمع الفرنسي. ولعل أكثر المتضررين منه هم المسلمون وبالخصوص المسلمات المتحجبات([2]) .

ولابد أن أذكر هنا مؤسسات لها دور بارز في نشر الثقافة العربية والإسلامية في فرنسا وعلى رأسها معهد العالم العربي الذي له مساهمات متميزة ودائمة في هذا المجال وكذلك بعض المراكز الثقافية التابعة للسفارات الإسلامية ولكنها لا تعبر بحق عن حقيقة العمل الإسلامي في فرنسا إذ إن نشاطها المحدود لا يمس مباشرة الحياة اليومية للمسلمين في فرنسا ولا ينطلق من عمق واقعهم. وهذه المؤسسات الرسمية تخضع لضغوطات تفرضها مصالح اقتصادية أو سياسية أو إستراتيجية آنية. وهذا لا يعني أبدا أن الجمعيات الإسلامية التي تنشط في الساحة الفرنسية مستقلة تماما وبعيدة عن تأثير بعض الدول الإسلامية. وإنما تملك في كل الأحوال هامشا كبيرا من الحرية وتخضع في الأخير فقط للقانون الفرنسي وانتماءاتها للخارج تكون غالبا شكلية وغير مصرح بها علانية.

 

ب- تظاهرات ثقافية:

نظمت الجمعيات الإسلامية عدة تظاهرات علمية وثقافية عبر التراب الفرنسي. واستعادت المنظمات الطلابية والشبانية دورها في السنتين الأخيرتين وأبرزها جمعية الطلبة المسلمين في فرنسا (AEIF) التي تنظم عدة نشاطات ثقافية عبر المدن الفرنسية وتختم نشاطاتها السنوية بملتقى دولي في شهر ديسمبر وتخصصه لدراسة التراث الفكري لمؤسسها الدكتور محمد حميد الله (1908-2002). وقد شاركنا في ملتقى 2002 بمحاضرة عنوانها " الدكتور حميد الله بين الذاكرة والتاريخ". وحرصنا في هذه المداخلة -التي حضرها حشد كبير من الطلبة والمثقفين من مختلف الأقاليم الفرنسية والأوروبية- على التأكيد على ضرورة الاهتمام بذاكرة الإسلام في فرنسا مشيرين إلى أن الأستاذ حميد الله هو من أبرز معالمها التي يجب الاعتناء بها والتعريف بها بين الأجيال المسلمة حتى لا تضيع جهود دعوية جبارة فتمحى بذلك صفحات مشرقة من تاريخ التوسع الإسلامي في هذه الديار. وبعد أن أنجزت هذه الجمعية موقعا متميزا على شبكة الانترنت تسعى اليوم لإعادة إصدار مجلتها المعروفة "المسلم Le Musulman".

وتشبه في عملها وجديتها جمعية إسلامية أخرى في مدينة ديجون. ففي كل عام تنظم مهرجانا كبيرا تجمع كل الباحثين الشبان المسلمين وتوفر لهم قاعة كبيرة لعرض آخر بحوثهم العلمية. وقد عرف نشاطها نجاحا كبيرا ويزداد كل عام الوافدون على هذا المهرجان. وقد لمسنا ذلك في عام 2002. وينظم في نهاية هذا اللقاء حفل يحضره أعيان المدينة والشخصيات السياسية الفرنسية لتوزيع الجوائز وشهادات تقديرية على المشاركين. وكم يحتاج هذا العمل الرصين والمتميز لتشجيع ودعم كل المسلمين. وذلك ما فهمته قبل غيرها امرأة سويسرية ثرية أنعم الله عليها بالإسلام فتبرعت بـ 10 ألاف يورو لتكريم أحسن عرض علمي قدم في عام 2001.

وتنشط أكثر الحركات الشبانية في الغرب الفرنسي خاصة في مدينة بوردو ونانت مع الأستاذ طارق أوبرو وفي الشمال مع حسن إقيوسن وفي الشرق بمدينة ليون مع جمعية التوحيد والتي يتزعمها فكريا الدكتور طارق رمضان القادم من سويسرا. وتنظم مهرجانات للأناشيد الإسلامية في محاولة لتقليص تأثير الأغاني الغربية والعربية الخليعة. وتستضيف فرقا معروفة في النشيد الإسلامي ([3]).

وتساهم المؤسسات الإسلامية بشكل فعال في التعريف بالثقافة الإسلامية عبر المحاضرات والندوات والملتقيات الفكرية والمعارض الإسلامية. ولاشك أن النشاطات الرائدة لمكتب المعهد العالمي للفكر الإسلامي بإدارة الدكتور محمد المستيري، والمركز الثقافي لمسجد الدعوة برئاسة الدكتور العربي كشاط ومركز البحوث والدراسات بإشراف الدكتور عبد المجيد النجار ستبقى خالدة في التاريخ إذ نظمت هذه المؤسسات بإمكانيات مادية بسيطة ندوات ومؤتمرات دولية كثيرة عن الإسلام والغرب وفقه الأقليات ومستقبل الإسلام... لا تقل صرامة وعلمية وجدية عن اللقاءات الفكرية التي تنظمها الجامعات الفرنسية ذات ميزانية ضخمة.

وبالإضافة إلى هذه الشخصيات الدعوية والعلمية المسلمة التي ذكرناها، نجد مجموعة من المثقفين المسلمين يقدمون مقاربات مختلفة للعمل الإسلامي والإسلام ويصنفون أنفسهم بالمسلمين العلمانيين أو المسلمين الديمقراطيين ويتفقون مع العلمانيين الفرنسيين في مواقفهم من الإسلام السياسي. وهذه النخبة تعبر عن نفسها في وسائل الإعلام والساحة الثقافية الفرنسية سواء كانت من داخل فرنسا كمحمد أركون، مالك شبل، عبد الرحيم لمشيشي، باسمة كودماني-درويش، عبد الوهاب مداب، ليلى بابس، جمال الدين بن الشيخ، صهيب بن الشيخ، الطاهر بن جلون ... أو شخصيات من خارج فرنسا أمثال  نصر حامد أبو زيد،  فاطمة مرنيسي، عبده فيلالي الأنصاري، محمد الطالبي، عبد المجيد شرفي،... وتأسست مؤخرا جمعية "المفكرون الجدد"، تحمل أفكارهم وتبثها في الحياة الثقافية الفرنسية عن طريق موقعها على شبكة الانترنيت. وقد خصصت لهم المجلة اليسارية نوفل أبسرفاتور ملفا خاصا في ماي  2004.([4])

 

ج- رواج الكتاب الإسلامي:

عرفت فرنسا في السنوات الأخيرة رواجا كبيرا للكتاب الإسلامي وانتشار المكتبات الإسلامية وتبعتها حركة الترجمة للكتب الإسلامية إلى اللغة الفرنسية. ويعتبر حي كورون  " Couronnes"الواقع في الدائرة العشرين في مدينة باريس من أشهر الأحياء التي تحتوي على عدة مكتبات إسلامية (الرسالة، الغزالي، النور، سنا، النجاح، الأزهر، السلام...). وتقوم أيضا غالبية هذه المكتبات بطبع الكتب وتسجيل الأشرطة الصوتية والمرئية بنفسها بعد أن كانت في الماضي تستوردها من لبنان ومصر والمغرب بطرق تقليدية.

وتعرف فرنسا موعدين هامين لنشر الكتاب العربي والإسلامي، فالأول هو الاجتماع السنوي لجمعية إتحاد المنظمات الإسلامية في بورجي بضواحي باريس، حيث تقام أجنحة كثيرة للكتاب ويقبل عليها المسلمون الوافدون من مختلف الدول الأوروبية. أما الموعد الثاني الذي تشارك فيه دور النشر العربية التي أشرنا إليها ودور نشر أخرى قادمة من دول عربية وإسلامية وأوروبية وهو المعرض الأوروبي-العربي الذي دأب معهد العالم العربي على تنظيمه كل سنتين في باريس.

 

د- الإعلام العربي الإسلامي:

وعرف الإعلام الإسلامي نفسا جديدا بصدور عدة مجلات فكرية وثقافية كرؤى التي تعني بقضايا التجديد الإسلامي والمستقبل الإسلامي ومجلة تعارف المهتمة بالدراسات الغربية، ومجلة مرايا الصادرة عن منتدى فكر المستقبل ومجلة دراسات شرقية، ومجلة الأوروبية، وكلها تصدر باللغة العربية. أما باللغة الفرنسية، فقد صدرت مجلة  La Madina; Islam.Générations, الخ.

ومن المؤشرات الإيجابية على الصعيد الإعلامي، تأسيس العرب والمسلمين لعدة محطات إذاعية: إذاعة الشمس، وراديو بور Radio Beur، إذاعة الشرق، إذاعة البحر الأبيض المتوسط. فبالإضافة إلى برامج ثقافية وترفيهية، تقدم هذه الإذاعات حصصا دينية ثرية بالعربية والفرنسية وخاصة في شهر رمضان حيث تستضيف مفكرين بارزين من فرنسا والعالم الإسلامي نذكر منهم الدكتور محمود العزب أستاذ بجامعة الأزهر والسوربون والمفكر المعروف الدكتور محمد أركون... لتقديم دروس في تفسير القرآن وتحليل القضايا الإسلامية المعاصرة.

وتنقل إذاعة الشرق مباشرة كل يوم الجمعة خطبتي الجمعة من المسجد الحرام. وقد لاحظنا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 كيف يتعرض دعاء إمام الحرمين إلى التشويش والحذف بمجرد أن يتطرق لقضية فلسطين. ولا ندري هل هي من صنع إدارة الإذاعة تمارسها كمراقبة ذاتية خوفا من ردود الفعل اللوبي الصهيوني أم خضوعا للقانون الفرنسي المعروف فابوس-جيسو   Fabius-Gaissotالذي يمنع كل تعبير يسئ إلى السامية وبالخصوص اليهود. وتبث القناة الثانية الفرنسية كل يوم الأحد صباحا حصة عن الإسلام.

وأريد أن أختم هذا العنصر بالإشارة إلى ظهور مواقع على شبكات الإنترنت تسعى لمتابعة كل النشاطات الإسلامية في فرنسا وتقديم مواضيع ثقافية ودينية للجمهور وخدمات أخرى. وقد صار لكل جمعية دينية أو ثقافية ولشخصيات اجتماعية أو علمية مواقع خاصة بها. ولكن حسب الاستقراء الذي قمت به وملاحظاتي الخاصة يمثل موقع الأمة"www.Oumma.com"  أكثر المواقع زيارة من طرف الشبان المسلمين.

وقد لفت انتباهي أيضا توجه الشباب المسلم في فرنسا نحو تشكيل شبكة من العلاقات الإلكترونية –إن صح التعبير- بحيث يتبادلون الآراء وينشرون الأخبار ويحددون المواعيد لحضور نشاطات ثقافية ودينية بشكل سريع عن طريق شبكة الانترنت. وقد ظهرت نجاعتها وفعاليتها بشكل واضح في المظاهرات الكبيرة التي نظمتها الشابات المتحجبات للتنديد بالتحضيرات القانونية لمنع لباس الحجاب في المؤسسات العمومية. واعترف معظم الخبراء والسياسيين الفرنسيين بأنه ليست هناك أية منظمة وراء حركة احتجاج المتحجبات وإنما يعود نجاحها إلى استعانتهن بشبكة الانترنت في الاتصال والتعبئة.

 

3/الإسهام في التنمية الاقتصادية:

أ- شركات الصناعة الاستهلاكية:

تنتشر عبر المدن الفرنسية تجارة اللحم الحلال وأصبح لها مؤسسات كبرى تراقب وتسوق اللحم الحلال عبر أوروبا وإلى العالم الإسلامي. والمشروبات الغازية ك"مكا كولا" و"زمزم كولا" التي تكتسح السوق الفرنسية وتكلمت وسائل الإعلام عن قلق شركة كوكا كولا العملاقة من ظهور هذه المشروبات. ولم يتردد بعض الصحافيين الفرنسيين في الحديث عن المشروبات العرقية "boissons communautaires" أو المشروبات الحركية / الناشطة"boissons militantes" وخاصة بعد أن وضعت إحدى هذه الشركات صورة القدس على غلاف منتوجها وخصصت  10٪  من كل مبيعاتها للقضية الفلسطينية. وقد هدأت إلى حد ما هذه الحملة لأن صاحب هذه الشركة - وهو محامٍ متمرس-عرف كيف يستوعب المشكل بالصراحة والشفافية ذلك أن الأوروبيين لا يخافون من الصراحة بقدر خوفهم من العمل السري.

وتساهم أيضا شركات الاستيراد والتصدير في توزيع المنتجات الإسلامية وتسويقها عبر فرنسا وخاصة المصرية والتركية والمغربية التي تكتسح الأسواق الفرنسية وتزاحم المنتجات الصينية. وتتركز تجارة المسلمين في المناطق التي تعرف كثافة سكانية مسلمة في باريس ومرسيليا وليون وليل... والشئ الملفت للانتباه هو أن هذه المواد توزع عبر الأراضي الفرنسية المختلفة وتتعدى حدود الاستهلاك الإسلامي إذ يقبل على شرائها الفرنسيون خاصة بعد الفضائح الكبرى التي عرفتها أوروبا في مجال اللحوم المغذية بالمواد الكيماوية والزراعة البيلوجية المصطنعة القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية.

 

ب- وكالات الأسفار والسياحة:

وظهرت منذ سنوات قليلة عدة وكالات للأسفار وهي في الحقيقة لا يمكن لها أن تنافس الشركات الفرنسية من حيث الخدمات وشبكة العلاقات والرصيد المالي. فهذه الشركات العربية تخصصت بالدرجة الأولى في تنظيم رحلات للحج والعمرة واستفادت من تزايد عدد المسافرين للحج والعمرة بين الشباب خاصة في السنوات الأخيرة الذي صادف موسم الحج فترات العطلة الدراسية الشتوية (ديسمبر-يناير). وصرحت المصالح القنصلية السعودية في فرنسا بـ 25000 شخص توجه من فرنسا للحج هذا العام (2006) منهم 30  %من الشباب([5]).

ولابد من الإشارة هنا إلى أن الاقتصاد الإسلامي في بدايته ويحتاج إلى وقت طويل ونفس كبير ليكون في مستوى متطلبات مستقبل المسلمين في فرنسا. لقد أصبح بديهيا اليوم أنه من يتحكم في الاقتصاد والأموال هو السيد في القرار. فأموال المسلمين في فرنسا كثيرة ولكن لم توظف لصالح تنمية هذه الجالية المسلمة ورفعها إلى مستوى الجاليات المؤثرة في الحراك الثقافي والسياسي في فرنسا بفضل قوتها المالية والاقتصادية.

 

4/ المشهد السياسي:

وبعد تغيير القوانين الفرنسية في مجال الجنسية والتجمع العائلي ووصول اليسار الفرنسي إلى الحكم في الثمانينات، اكتسب كثير من المهاجرين العرب والمسلمين وعائلاتهم الجنسية الفرنسية. وعرف الجيل الجديد بعد إتمام الدراسة أو الفشل في التحصيل العلمي مصاعب كثيرة في العثور على العمل. وكثيرا ما يفسر هؤلاء الشباب هذا التهميش بالإقصاء العنصري، فالمجتمع الفرنسي لم يتقبلهم بعد كفرنسيين لهم نفس الحقوق كأنهم ينتمون لأمة أخرى وليس لهم مستقبل مشترك.

و بقي هذا الشعور راسخا في الذهنيات على الرغم من مرور عدة سنوات تحسن خلالها الوضع العام للمسلمين، وقد عبرعن هذا الإحساس بالظلم الإجتماعي الشباب بغضب وانتقام من المجتمع الفرنسي كله في أحداث الشغب التي شاهدها العالم مباشرة على قنوات التلفزيون في شهر نوفمبر 2005.

إن هذه الصورة القاتمة لا يمكن لها أن تحجب صورة مشرقة للمسلمين في فرنسا خاصة في المجال السياسي الذي يهمنا هنا، فقد عرفت الساحة السياسية الفرنسية ظهور وجوه مسلمة حملت حقائب وزارية ومقاعد في البرلمان وإن كانت تمثل أقلية إن لم نقل استثناءات. وإلا كيف نفسر تسيير أو تمثيل مدن فرنسية ذات أغلبية عربية إسلامية من طرف فرنسيين. فهذا دلالة قاطعة على تهاون المسلمين في انتزاع حقوقهم والدفاع عنها كما تفعل كل الجاليات والأقليات الأخرى. ويلخص هذا الجدول المشاركة السياسية والنقابية والجمعوية للمسلمين الفرنسيين في السنوات الأخيرة.

 

الوظيفة

الحزب/المنظمة

الاسم واللقب

مستشار الوزير الأول جون بيير رافاران

-

القروي حكيم

كاتب الدولة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

-

مقران رشيد

مستشارة لدى وزارة الداخلية

-

داتي رشيدة

الأمين العام المساعد لوزارة الدفاع

-

منا بشير

عضو الأمانة الوطنية

الجبهة الوطنية

يحياوي سيد أحمد

عضو الأمانة الوطنية

الجبهة الوطنية

سماحي فريد

الأمين الوطني المكلف بالوحدة الوطنية

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

كلال قاسمي

الأمينة الوطنية المكلفة بالاندماج

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

بنيامينة مرزقان

الأمينة الوطنية المكلفة بالإنخراطات الجديدة للحزب

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

بوغراب جانيت

مرشح لمنصب رئاسة الحزب

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

قاسي رشيد

مرشح لمنصب رئاسة الحزب

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

مراد الغزالي

الأمينة الوطنية المكلفة بإصلاحات الدولة والتوظيف العمومي

عضو في مجلس الشيوخ

الحزب الاشتراكي

خياري باريزة

الأمين الوطني المكلف بالعولمة

الحزب الاشتراكي

عارف قادر

عضو المجلس الوطني

الحزب الاشتراكي

دهان فيصل 

المكلف بتكافؤ الفرص ومناهضة العنصرية لدى السكرتير الأول للحزب

الحزب الاشتراكي

 

لمداوي فوزي

كاتبة الدولة للتنمية الدائمة

التجمع من أجل الجمهورية

تقية سيفي

كاتب الدولة لقدماء المحاربين

-

لحملاوي مقاشيرة

وزير منتدب مكلف بترقية تكافؤ الفرص

-

بقاق عزوز

نائبة في مجلس الشيوخ والبرلمان الأوروبي

الحزب الخضر

بومدين حليمة

مستشار وزير الداخلية

نائب في البرلمان الأوروبي

حركة المواطنين

سامي ناير

رئيس بلدية

 Hérault Ceilhes-et-Rocozels  (Herault)

-

عبد القادر أحمد

رئيس بلدية

Saint-Gérand-le-Puy

(Allier)

-

كريم قدوري

رئيس بلدية

Boviolles (Meuse)

-

الحمامي يوسف 

نائب رئيس بلدية ستراسبوغ

-

ملياني عزيز

رئيس محافظة

-

مشري شريف

رئيس محافظة

-

بن مبارك روجي

رئيس محافظة

-

مدحي حسن

رئيس منظمة النجدة العنصرية

الحزب الاشتراكي

مالك بوطيح

الأمين العام للحركة المناهضة للعنصرية والصداقة بين الشعوب

-

عاونيت مولود

عضو المجلس البلدي (مرسيليا)

إتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية

باركي صالح

لقد تفطن أخيرا الشبان المسلمون الذين شاركوا مع غيرهم من الفرنسيين في "ثورة الضواحي" أن أعمال الشغب لا تحل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة؛ وأدركوا أيضا أن بلدهم فرنسا قطعت مسيرة كبرى في الثقافة السياسية وضبطت المساهمة في ممارسة السلطة بالإختيار الديمقراطي. فالانتخابات هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق المطالب وتحسين الأوضاع. وهنا تظهر قيمة المشاركة في الانتخابات والانخراط في العمل السياسي والجمعوي البناء.

وتشير الإحصائيات المنشورة ما بعد ثورة الضواحي الأخيرة إلى تزايد إقبال أبناء الجاليات العربية والإسلامية على التسجيل في قوائم الانتخابات بـ 03%؛ فبطاقة الانتخاب وسيلة للتعبير عن الرأي وممارسة الديمقراطية وإقناع باقي الفرنسيين بشرعية مطالبهم وصدق انتمائهم للمجتمع الفرنسي، وبمعنى آخر يجب أن يضع المسلمون المصحف في اليد اليمنى وبطاقة الانتخاب في اليسرى كما عبرت عن ذلك صحيفة فرنسية.([6])

 

5/ الموقف الفرنسي من النشاط الديني الإسلامي:

أ/ الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي:

ظهرت عدة محاولات بجمع شمل المسلمين في منظمات تمثل صوتا واحدا يخاطب الحكومة الفرنسية وكانت أول محاولة في عام 1989 إذ وضع وزير الداخلية والأديان لويس جوكس مشروعا سماه "مجلس التفكير حول الإسلام في فرنسا" لكنه انتهى بالفشل لعدة أسباب أهمها: نقص الإرادة السياسية الفرنسية والصراعات الداخلية والمصالح الضيقة بين الجمعيات الإسلامية الخاضعة في كثير الأحيان لضغوطات بعض الحكومات العربية خاصة المغرب والجزائر والمملكة العربية السعودية التي تسعى لمراقبة جالياتها أو مد نفوذها في هذا البلد الحساس من العالم الغربي.([7]) وقدم كل الوزراء الذين جاؤا من بعد جوكس مشاريع مماثلة ولكنها فشلت لنفس الأسباب السالفة إلى أن فرض وزير الداخلية الأخير نيكولاي ساركوزي مشروعه على الجمعيات الممثلة للمسلمين الفرنسيين في 8 يناير 2003.

نظمت انتخابات عبر التراب الفرنسي بين 6 و13 أبريل 2003 لاختيار أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الجديد. فازت بالمرتبة الأولى الفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا بــ (32%)من الأصوات وتحصلت على 60 مقعدا في الجمعية العامة و20 في المجلس الإداري. وجاءت إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا في المرتبة الثانية بــ 30% من الأصوات وتحصلت على 58 مقعدا في الجمعية العامة و19 في المجلس الإداري. بينما جاء مسجد باريس الكبير في المرتبة الثالثة (39%) من الأصوات وكسب 54 مقعدا في الجمعية العامة وفي 15 في المجلس الإداري. وفازت مجموعة جمعيات أخرى بالمقاعد الباقية.

ومهما قيل عن ظروف تأسيس هذا المجلس وما ترتب عنه من تداعيات سياسية فإنه في الأخير مكسب كبير للمسلمين في فرنسا ومستقبل الإسلام في هذه البلاد. وقد بينت الأحداث الأخيرة في العراق مدى قدرة قادة العمل الإسلامي في فرنسا على كسب ثقة الحكومة الفرنسية والفرنسيين عندما قام المجلس بمفوضات وتحركات من أجل تحرير الرهائن الفرنسية. وقد شكرهم أخيرا الرئيس الفرنسي ووزيره الأول لأن هذا المجلس بذل جهدا كبيرا لتهدئة الأوضاع في فرنسا في فترة إعمال الشغب والاحتجاجات التي عرفتها الضواحي الفرنسية في شهر نوفمبر 2005.

تسعى الحكومة الفرنسية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى تكوين دعاة وأئمة في فرنسا بالتعاون مع جامع الأزهر بحجة أن هذه المؤسسة تتبنى إسلاما معتدلا. وقد زار وزير الداخلية الفرنسي نيكولاي ساركوزي الأزهر وتحادث في هذا الصدد مع شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي. كما زار وزير الشؤون الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي في سبتمبر 2005 هذه المؤسسة الإسلامية العريقة للتأكيد من جديد على ضرورة إحياء المشروع السابق والشروع في تجسيده على أرض الواقع وطلب من إدارة الأزهر أن توفد مجموعة أئمة مصريين للعمل في فرنسا.

إن الحكومة الفرنسية التي تريد أن تأخذ بيدها تسيير شؤون الإسلام بدافع حماية أبنائها من التشدد والتطرف الديني المستورد ستجد في طريقها عقبات كثيرة ما دامت أسئلة أساسية بقيت معلقة وبدون جواب:

على أي أساس سيكون اختيار المرشحين للإمامة؟ إلى أي حد يمكن للأزهر أن يقدم أئمة نموذجيين يتقنون اللغة الفرنسية ويتوجهون إلى مسلمين غالبيتهم من المغرب العربي والذين يلتزمون فقط بالمذهب المالكي؟ أين يمكن وضع الفاصل بين الأئمة الوافدين من المغرب العربي من طرف حكوماتهم لمراقبة جالياتها والتحكم فيها والأئمة المكونين من أجل تأطير المسلمين الفرنسيين؟ هل يثق الشباب المسلم الفرنسي الحامل للأفكار الجديدة والحماس الديني بهؤلاء الأئمة المستوردين من الحكومة الفرنسية وهم يعلمون جيدا بأن هذا التدخل في الشؤون الدينية للمسلمين يتناقض مع مبادئ العلمانية وليس له نظير عند الديانات الأخرى؟

 

ب/ الرأي العام الفرنسي:

بدأ المسجد يستعيد وظيفته الاجتماعية والثقافية بعد أن تمكن الجيل الجديد والطلبة المهاجرون من تسيير لجان المساجد والإشراف عليها. ولعل هذا ما يقلق الأوساط المعادية للإسلام أو المؤيدين المتطرفين للسياسة الاندماجية.([8]) فالإسلام يتوغل داخل المجتمع الفرنسي وأصبح للتدين الإسلامي واجهة ظاهرية وشفافية(([9] بعد أن كان في الماضي يعيش في التستر والخفاء ويخشى البروز. وقد تعرض نخبة من الباحثين الفرنسيين لهذا "الصدع بالأمر" والفرض للوجود بالدراسة والتحليل في أعمال أكاديمية أنتج كثير منها في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية ومعهد العلوم السياسية بباريس.

وكثير من هذه الأعمال الرصينة جاءت حصيلة جهود فرق بحث جماعية عملت تحت إشراف أساتذة معروفين في حقل الدراسات الإسلامية والاجتماعية نذكر بشكل خاص:

Bruno Etienne, François Burgat, Remi Leveau, Gilles Kepel, Michel Wieviorka...

وهنالك مجموعة من المثقفين والصحافيين الفرنسيين وبعض من المثقفين العرب وبعض المثقفين العرب([10])اكتسوا الساحة الإعلامية كلما تعلق الأمر بالحديث عن الإسلام والمسلمين ويقدمون وصفات الحل والعقد لأصحاب القرار. ونقر هنا بإنصاف بعضهم بينما ساهم بعضهم بتصريحاتهم التلفزيونية والإذاعية وكتاباتهم الصحفية بشكل غير مباشر في ظهور الشعور بالكراهية اتجاه المسلمين[11])(islamophobia) )في فرنسا. ونشير هنا إلى أشهر هؤلاء الخبراء والصحافيين:

Jean-Paul Chagnollaud, Jean Daniel, Alain Finkielkraut, Franck Fregosi, Alain Gresh, Martine Gozlan, Claude Imbert, Bernard Henri-Levy, Xavier Ruffer, Xavier Ternisien...

وتمثل الحملة الإعلامية الموجهة ضد الداعية الدكتور طارق رمضان نموذجا يفضح قلق العلمانيين الفرنسيين المتطرفين كما تدل على ذلك تصريحاتهم، فهم يعبرون بصراحة عن تخوفهم من نشاط الدكتور رمضان ونجاحه في كسب ثقة وإعجاب كثير من الشبان المسلمين الفرنسيين لخطابه المغالب ولعل أشهر خرجاته الإعلامية الناجحة المناظرة التي جمعته مع وزير الداخلية الفرنسي نيكولاي ساركوزي مباشرة على القناة الثانية الفرنسية.

نشرت عدة مقالات وكتب(([12] انتقدت بشدة خطاب طارق رمضان بين 2000-2005. وهي في الحقيقة نقد موجه إلى كل الناشطين المسلمين والدعاة المخلصين. وكانت أهم التهم الموجهة لطارق رمضان إخفاء إنتماءه لحركة الإخوان المسلمين، والخطاب المزدوج وتخدير الشباب المسلم الفرنسي بإديولوجية دينية خطيرة وعرقلة سياسة الإندماج التي يحملها المشروع اللائكي الفرنسي.

 

6/مستقبل الإسلام والمسلمين في فرنسا:

كيف يكون مستقبل الإسلام والمسلمين في فرنسا؟ هنالك مجموعة مقومات أساسية إذا عرف المسلمون كيف يوظفونها ويستغلون فضاءات عديدة لرفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي وتحسين صورتهم الإعلامية ففي هذه الحالة فقط يتحول الإسلام ومعه المسلمون من أقلية مغلوبة إلى أقلية فعالة تساهم في مختلف جوانب الحياة في فرنسا وسيؤثر ذلك بشكل إيجابي على الإسلام والمسلمين في الغرب والعالم الإسلامي. وسوف نقدم في هذا الموضع ملخصا موجزا لبعض من هذه الفضاءات الأساسية.

 

أ- القيام بالدعوة ونشر تعاليم وقيم الإسلام السمحاء:

تشير الإحصائيات المنشورة في عام 2003 إلى وجود 5/5 مليون مسلم في فرنسا ويشكل العرب 70% منهم، وغالبيتهم من الوافدين من المغرب العربي: الجزائر (35%)والمغرب الأقصى (25%) و تونس (10%) والبقية من بلدان مختلفة. بينما تصر الباحثة الفرنسية في علم الديمغرافية ميشال تريبالة على3,7  مليون.

وقد شكل هذا الاختلاف في الإحصائيات موضوع جدل ونقاش في الساحة السياسية والإعلامية الفرنسية في عام 2003 بمناسبة تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي بموجبه اعترفت الحكومة الفرنسية رسميا بالدين الإسلامي. ([13]) ويعيش المسلمون في وسط 45 مليون كاثوليكي ومليون بروتستانتي و600000 بوذي و 525000 يهودي و150000 أرثوذكسي. أما الفرنسيون المنحدرون من أصول فرنسية فيقدر عددهم بـ 30000 كما تشير إلى ذلك دراسة نشرت في جريدة لوموند في عام 1999.([14])ويصل عددهم اليوم إلى أكثر من 50000 معتنق للإسلام.

ومهما اختلفت الأرقام والإحصائيات التي يصعب التأكد منها بالدقة لأن التدين في المجتمع الفرنسي قضية شخصية، يتجنب الأفراد الخوض فيها والإشهار عنها، فإن المؤكد أن الإسلام يمثل الديانة الثانية من حيث العدد والأول من حيث الدينامكية. ويعود الفضل في ذلك إلى سماحة الإسلام وتزايد الدعوة الإسلامية وساعد على ذلك تعثر الحداثة المعاصرة التي ألهت الإنسان وعجزت على إسعاد الإنسان الغربي الذي حقق رخاء ماديا عجيبا لكنه يعيش قلقا نفسيا وفراغا روحيا. ولا يجد دواء لذلك إلا بالعودة إلى الدين.

وثمة مؤشرات تدل على تزايد انتشار الإسلام في فرنسا ويظهر ذلك بوضوح في انتشار الحجاب وانتشار المساجد([15])وخاصة اعتناق فئات فرنسية لهذا الدين على الرغم من كثرة المثبطات وما يتعرض له الإسلام للتشويه من بعض أبنائه وخصومه. ويلاحظ أن المد الإسلامي بعد أن كان منحصرا في المهتمين بالشأن الإسلامي توغل في مختلف شرائح المجتمع الفرنسي كما تبين ذلك آخر الدراسات العلمية الجادة.([16])

ومن أنشط الفرنسيين في العمل الإسلامي نذكر الدكتور عبد الحليم هربير  (1941- 2005 ) ويوسف لوكليرك وتوماس ميلسون المشهور بالدكتور عبد الله ... وإذا وجد بعضهم رعاية من العالم الإسلامي كما هو الحال مع رجاء غارودي وميشال باربو (أمين عبد الكريم)، فإن هناك شخصيات مسلمة مغمورة يجب أن يوليها المسلمون عناية بالغة. نشير هنا بشكل سريع إلى أبرزها:

Philippe Grenier, Vincent Mansour Monteil, (1913-2005), Eva de Vitray-Meyerovitch (1909-1999), Jean-Loup Herbert (1941-2005), Maurice Béjart (1927), Michel Chodkiewicz (1929), Eric Younès Geoffroy, َMichel Barbot (Amin Abdulkarim), Michel Renard, Youssouf Leclerc, Thomas Milcent (Docteur Abdallah).

 

ب- حوار الأديان:

يكون مستقبل الإسلام والمسلمين في فرنسا مرهونا بمدى تفاعل المسلمين مع الواقع الغربي ومدى قدرتهم على التعايش مع تطور العالم الغربي في مختلف جوانبه. وللمسلمين أن يتفاءلوا بعودة الأخلاق والتدين إلى المجتمع الفرنسي كما تشير إلى ذلك مجموعة مؤشرات نذكر على الخصوص إقبال الشباب على إعلان زواجهم في الكنيسة وتزايد تعميد الأطفال وهي تقاليد مسيحية غابت عن المشهد العام الفرنسي سنين خاصة بعد ثورة الشباب والطلاب في عام 1968 ضد الدين والأخلاق والتقاليد وكل المظاهر المعبرة عنها وهي تمثل في نظرهم رموزا للقيد وحواجز للتحرر والتقدم.

ومن المؤشرات الأخرى إشهار السياسيين لممارساتهم الدينية وقناعاتهم العقائدية وإقبال الفرنسيين على السياحة الدينية من زيارة للكنائس والمعابد خاصة كنيسة نوتردام دو في باريس وكنيسة سان بيير في درو وكذلك نجاح مهرجان الشباب المسيحي في فرنسا في عام 2001 والذي استقطب مليون شاب من مختلف بلدان العالم.

وعودة الدين ليس بالضرورة انتصارا للمسيحية فالفرنسيون يبحثون عن إجابات مقنعة لأسئلة جوهرية لا نظن أن المسيحية قادرة وحدها على الإجابة عنها. فتعاون المسلمين مع المسيحيين في إطار حوار الأديان هو منع هؤلاء التائهين على السقوط من جديد في وثنية جديدة وهي ما يمكن الإطلاق عليها الروحانيات المادية"، فالمسيحية والإسلام يشتركان في المنبع السماوي والدعوة إلى الحفاظ على مؤسسة الزواج والأسرة والحث على التمسك بالأخلاق والقيم. فالمسلمون سيكسبون مؤازرة المسيحيين الفرنسيين كلما كان الحوار معهم صادقا وقويا ومستمرا خاصة مع رجال الدين المعروفين بتسامحهم ومساندتهم للقضايا الإسلامية في فرنسا وفي العالم الإسلامي. وقد أكد على هذا المعنى كل العلماء والخبراء الذين شاركوا في الندوة الدولية حول "التدين في المجتمع الأوروبي([17])"التي انعقدت في باريس في يوليو 2002.

 

ج- التعايش الحضاري ودعم حوار الثقافات:

قدم المسلمون إنجازات فكرية وعلمية ساهمت بشكل فعال في تقدم البشرية ونهضة الأوروبيين ومازال العقل المسلم يبدع في مختلف العلوم. وتشير الإحصائيات إلى عدد هائل من العلماء المسلمين في فرنسا يشاركون في ثراء الواقع الاجتماعي الذي يعيشون فيه. ولا يمكن لأي فرنسي أن ينكر على سبيل المثال الخدمات المتميزة للأطباء المسلمين الذين اكتسحوا المستشفيات الفرنسية.

وعلى المسلمين الذين يعيشون في العالم الإسلامي أن يساهموا في ترقية إخوانهم الذين يقيمون في المهجر. وقد عرفت السنوات الأخيرة عدة مؤتمرات دولية بالتعاون بين المنظمة الإسلامية للثقافة والعلوم ومؤسسات رسمية وأكاديمية مستقلة سعت لتقديم صورة مشرقة للإسلام تختلف تماما عن الصورة القاتمة التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية. وقد شاهدنا في ملتقيات وندوات حول الإسلام إقبال الفرنسيين المتعطشين لمعرفة حقيقة الإسلام ونحدّد على ضوئها أسسا جديدة للتعايش مع المسلمين الذين يشكلون بشكل متزايد جماعات قوية من المجتمع الفرنسي.

وسأذكر هنا بسرعة أهم المؤتمرات والندوات الفكرية التي عالجت القضايا المتعلقة بالتعايش الحضاري وحوار الثقافات. وقد اخترت هذه النماذج لأن الظروف لم تسمح لي بالكتابة عنها في وقتها كما تعودت على ذلك فسأعرضها في هذه السطور.

نظم معهد العالم العربي بالتعاون مع مركز الدراسات الأندلسية (المغرب الأقصى) ملتقى دوليا حول موضوع " الإسلام والغرب: الصور والتأثيرات المتبادلة" في 20-22 أكتوبر 2003. درس العلماء والمفكرون المشاركون من فرنسا والمغرب والمملكة العربية السعودية خلال ثلاثة أيام ثلاثة محاور أساسية تتمثل في الغرب في مرآة الإسلام؛ الإسلام في مرآة الغرب؛ الإسلام والغرب: حوار أو صراع؟ وأريد أن أقف هنا عند كلمة جون سونونو، الأمين العام الأسبق للبيت الأبيض لما تحمله من دروس.

لقد قدم صورة عن تعاون مجموعة من الشخصيات الفكرية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية مع قادة الجاليات الإسلامية من أجل التعارف والعمل على توعية الشعب الأمريكي. واعترف أن عملهم لم يكن دائما سهلا لأسباب تخص المسلمين أنفسهم ولأسباب تتعلق باللولبيات التي تشوه باستمرار صورة المسلمين. ودعا سونونو المنظمين لهذا المؤتمر الدولي إلى تنظيم مثل هذه التظاهرات العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية لأن الشعب الأمريكي أكثر حاجة من الأوروبيين إلى من يقدم له خطابا معتدلا عن الإسلام. فوسائل الإعلام الأمريكية التي تصنع القرار وتؤثر على الرأي العام يهيمن عليها المشددون الذين يقدمون صوراً  قاتمة عن العرب والمسلمين. فالمسؤولية معلقة على المفكرين المسلمين لإقناع الأمريكان بسماحة الدين الإسلامي.

ونظم أيضا مركز دراسات المشهد الديني التابع لمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية ندوة دولية يومي 6 و7 أكتوبر 2003 بباريس حول " السلفية في واقعنا المعاصر". شارك فيها باحثون من فرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا والمغرب وسوريا والسعودية. وأهمية هذه الندوة تأتي من طبيعة الموضوع المطروح على الدراسة والنقاش ومن الجهات المدعمة لتنظيمها والمتمثلة في وزارة الخارجية الفرنسية والمركز الثقافي السعودي بباريس. فهذا التقارب يعبر مرة أخرى عن توازن السياسة الخارجية الفرنسية الراهنة تجاه قضايا العالم الإسلامي عكس ما تنتهجه الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع المسلمين.

 

د- المشاركة الفعالة في الحياة السياسية:

أشرنا فيما سبق إلى المشاركة السياسية للمسلمين في فرنسا وما ترتب عنها من نتائج إيجابية ودخول مجموعة من المسلمين إلى مختلف دواليب السلطة والمراكز الحساسة في الأحزاب الفرنسية. ولاشك أن عزم المسلمين على خوض معارك الانتخابات على كل المستويات في تزايد ويكفي أن نشير هنا إلى ترشح شابين مسلمين لرئاسة أكبر حزب سياسي فرنسي ودخلا في تنافس شديد مع رئيسه آلان جوبي الوزير الأول السابق.

إن مشاركة المسلمين في مختلف دواليب السلطة وتوغلهم في مراكز حساسة في الأحزاب السياسية الفرنسية هي أدوات لتوجيه السياسة العامة لهذه البلاد التي ستراعي كل المكونات العرقية والدينية والحضارية الجديدة للمجتمع الفرنسي، فتعترف بالهوية الجديدة لفرنسا التي تتسم بالتعددية الدينية والتنوع الثقافي. وحسن التعامل مع هذه الهوية هو الضمان الوحيد لتقوية النسيج الاجتماعي الفرنسي والرخاء الاقتصادي.

وعلى المسلمين الفرنسيين أن يحافظوا على علمانية مجتمعهم في حدود العلمانية التي تعني فك قيد الدولة عن الدين وليس محاربة الأديان ومضايقة رجالها والملتزمين بتعاليمها. وتطبيق هذا المبدأ سيعطي للإسلام نفس الفرص والإمتيازات التي تتمتع بها المسيحية واليهودية.

والممارسة السياسية والمشاركة الانتخابية لا تكفي وحدها ما لم تتوج بالثقافة السياسية التي تجعل من المسلمين أكبر المدافعين عن الديمقراطية الفرنسية القائمة –على الأقل لحد الآن- على التناوب على السلطة وتكريس الحرية واحترام التعددية الثقافية التي لا تتعارض مع المواطنة. وهذه القيم الديمقراطية تحمي مصالح المسلمين في المجتمع الفرنسي. واستقرار المسلمين في فرنسا دعم للإسلام والمسلمين في الغرب بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام.

الخاتمة:

إن العمل الدؤوب والالتزام الصحيح بقيم الإسلام ساهم في نشر الإسلام في فرنسا على الرغم من قلة إمكانيات المسلمين مقارنة مع اليهود والمسيحيين وإذا سخر المسلمون جهودا أكبر في سبيل الدعوة لدينهم برزت قدرات الإسلام على الإسهام في تطور المجتمع الفرنسي ثقافيا وحضاريا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا إذ سيلتزم كل فرد بمسؤولياته ويؤدي واجباته ويأخذ حقوقه في ظل مجتمع متعايش ومنسجم تحترم فيه خصوصيات كل المواطنين.

والخطاب الإسلامي في الغرب في حاجة إلى تجديد، فينطلق من مقاربة ملأ الثغرات والإسهام بدل البحث عن البديل الإسلامي والغزو للغرب فيكفي المسلمين أن يعيشوا دينهم في الغرب بحرية دون معاناة واضطهاد ومراقبة؛ فليدخل في الإسلام من اقتنع بتعاليمه السمحاء وأخلاق المسلمين كما بينت لنا التجربة التاريخية للفتح الإسلامي في الصين والجنوب الشرقي لآسيا.

إن كثيرا من الدراسات والبحوث ([18])الجادة تؤكد على قدرة المسلمين على التعايش مع مختلف الشرائح الاجتماعية الفرنسية، وتحول الإسلام إلى مصدر رخاء وسلم للمجتمع الفرنسي في المستقبل الذي كسب هوية جديدة تتميز بتعدد الديانات وتنوع الثقافات.

 

 

 

([1]) Fiammetta Venner. OPA sur l’islam de France. Paris, Calmann-Lévy, 2005, p.200.

([2])قضية الحجاب والعلمانيون الجدد في فرنسا، د. مولود عويمر، باريس، رؤى، العدد 23/24، 2004، ص 102-104.

)[3]) Fiammetta Venner. OPA sur l’islam de France. Paris, Calmann-Lévy, 2005, p.154.

)[4]) Le Nouvel Observateur, hors-série. "Les nouveaux penseurs de l'islam". Avril/mai 2004.

([5]) Le Figaro, 04 janvier 2006.

([6])Liberation, 22 décembre 2001.

([7] ) أنظر في هذا الشأن، الصراع حول قيادة الإسلام في فرنسا، سعدي بزيان. الجزائر، دار هومة، 2004.

([8]) Xavier Ternisien. La France des mosquées. Paris, Albin Michel, 2004.

([9])Jean-Paul Chagnollaud, Bassma Kodmani-Darwish et Abderrahim Lamchichi. Le fait islamique: Vers un nouvel espace d'intelligibilité. Confluences Méditerranée, automne 1994.

([10]) نذكر هنا أنطوان صفير صاحب مجلة "كراريس الشرق"؛ وأنطوان بسبوس صاحب "مرصد العالم العربي". وتخصص كل واحد منهما في تشويه صورة الحركات الإسلامية على المباشر. ومن حق المسلمين في فرنسا أن يتساءلوا بدورهم من أين يمول هذين "الخبيرين في الشؤون الإسلامية" مؤسساتهما؟

([11])Vincent Geisser. La nouvelle islamophobie. Paris, La Découverte, 2003.

([12])Caroline Fourest. Frère Tariq. Discours, stratégie et méthode de Tariq Ramadan. Paris, Grasset, 2004 ; Bernard Henri-Lévy. L'autre visage de Tariq Ramadan. Le Monde, 1 novembre 2003 ; Serge Raffy. Le vrai visage de Tariq Ramadan. Le Nouvel Observateur, 29 janvier 2004 ; Xavier Ternisien. Tariq Ramadan, sa famille, ses réseaux, son idéologie. Le Monde, 22 décembre 2003.

([13])L’Express, 4 décembre 2003.

([14])Le Monde, 8 décembre 1999.

([15]) Xavier Ternisien. La France des mosquées. Paris, Albin Michel, 2004.

([16])Rocher Cherqaoui. D'une foi à l'autre : les conversions à l'islam en Occident. Paris, Seuil, 1986; Henri Tincq. Voyage parmi les convertis à l'islam. Le Monde, 8 décembre 1999, Claire Brière. Le secret des convertis. Le Nouvel Observateur, 7 février 1986.

([17]) انظر التقرير المفصل عن الندوة في: ندوة التدين في المجتمع الأوروبي، د. مولود عويمر، إسلامية المعرفة، العدد 30، خريف 2002، ص 184-194.

([18]): Michel Wieviorka (dir). L’avenir de l’Islam en France et en Europe. Balland, Paris, أنظر على سبيل المثال 2003, 204 p; Thibaud Collin, Nicolas Sarkosy, Philippe Verdin. La République, les Religions, l’Espérance. Paris, Cerf, 2004.