أهداف الحكومة الإسلامية
أهداف الحكومة الإسلامية
هدي آونگ ـ ماليزيا
بسم الله الرحمن الرحيم
فإن وجوب نصب الخلافة أو إقامة الدولة الإسلامية أو الحكومة الإسلامية أمر لا خلاف فيه بين المسلمين منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا بعد اختلافهم في الأمور الفرعية إلا من شذ وشذ في النار. وقدموا هذا الأمر قبل اختلافهم في فروعه حيث قامت الدولة الإسلامية وطبقت شريعته فيها، وانتشر هذا الدين مهما انحرفت الشخصيات في الفترات المتعددة، مما يدل على أن نصب الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية ما هو معلوم من الدين بالضرورة عند المسلمين في تلك الفترات. إلا في العصر الذي تأثر فيه المسلمون بالغزو الفكري الخطير بعد سيطرة الاستعمار على بلادهم وجعلت الفكرة العلمانية التي تفصل بين الدين والسياسية أقصر طريق إلى الردة، من بينها وأهمها نسيانهم وجوب إقامة الدولة الإسلامية التي تقوم بواجب إقامة الدين وسياسة الدنيا به، ثم بعد ذلك ألغيت الشريعة الإسلامية شيئاً فشيئاً إلا ما بقي من الأحكام الشخصية العينية، مصداقا لقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما
ـ(110)ـ
انقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة(رواه أحمد في المسند).
فرسالة الإسلام التي قادها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لا تنتهي بوفاته، ولا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله.
فظهرت الحركات الإسلامية في أنحاء العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه التي تدعو إلى الإسلام بكامله وشاملة من الإقرار بالشهادتين إلى وجوب إقامة الحكومة الإسلامية، وطلعت الصحوة الإسلامية في كل مكان من العالم، وتفضحت انحرافات الأديان كلها إلا الإسلام، وفشلت الأيديولوجيات والنظريات العلمانية، وأقربها وفاة الاتحاد السوفيتي وإفلاس الغرب، وشعر المسلمون الواعون بحماسة أقوى. وقاموا بدعوة الناس إلى دين الله بتقديم المشاريع الإسلامية وإقناع الناس إليها بالبراهين والحجج بواسطة الأحزاب الإسلامية وجماعاتها ومؤسساتها.
فكل ما في الإسلام يدل على أنه لم يكن إلا لحمل هدف رسالته وتحقيقها فأقدم لهذا المؤتمر على حسب موضوعه: الحكومة من وجهة نظر المذاهب الإسلامية باختيار البحث المختصر المتواضع، في أهداف الحكومة الإسلامية عسى أن يساعدني الاخوة في الله الأعزاء بتفاصيل وإضافات تساعد العاملين في الحقل الإسلامي لتوعية المسلمين نحو ضرورة إعادة الحكومة الإسلامية من جديد.
أهداف الحكومة الإسلامية:
إنّ كل ما في الإسلام من أهداف تؤدي إلى سعادة الناس في الدارين لأنه من عند الله رب العالمين. وهو الخالق العزيز الحكيم الرؤوف الرحيم. وللحكومة الإسلامية التي هي جزؤ لا يتجزأ من تعاليمه أهداف واضحة مقررة من الكتاب والسنة.
ولكي نكون على بينة منها يجب ان نقف عند النصوص، فمنها قولـه تعالى:
ـ(111)ـ
﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾(سورة الحج: 41).
وقولـه تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(سورة النور: 55).
ومن السنة المطهرة الكتاب الذي أرسله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن:
هذا بيان من الله ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ عهد من النبي رسول الله إلى عمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره كله،﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ وأمره ان يأخذ بالحق، كما أمره الله، وأن يبشر بالخير ويأمرهم به، ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه، وينهى الناس، فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم والذين عليهم، ويلين للناس في الحق، ويشتد عليهم في الظلم، فإن الله كره الظلم، ونهى عنه، فقال: ﴿... أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾، ويبشر الناس بالجنة وبعملها، وينذر الناس النار وعملها، ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين.
وسار على هذا النهج الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ووضع أمامهم المعالم التي لابد من ان تعمل بها كل الحكومات الإسلامية لتحقيق أهداف مجيدة ولخصها العلماء في تعريف الخلافة والإمامة التي هي الركن الأساسي للحكومة. فقال الماوردي في الأحكام السلطانية: الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
وقال ابن خلدون في المقدمة:
ـ(112)ـ
الخلافة هي حمل الكافة في مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.
وجملة القول نفهم ان أهداف الحكومة في الإسلام ليس إلا لتحقيق غاية وأداء رسالة وليس لها في ذلك بين حكومات الأرض من نظير وهي قسمان:
الأول: إقامة أمر الدين على الوجه المأمور به من إخلاص العقيدة والطاعات واحياء السنن وإماتة البدع، ليتوفر العباد على طاعة المولى سبحانه وتعالى.
والثاني: النظر في أمور الدنيا وتدبيرها كرعاية حقوق العباد والبلاد وشؤون الإدارة وتوفير سبل الحياة المرافق العامة والقضاء والدفاع وغيرها.
أولا: إقامة أمر الدين:
ذلك لأن الحكومة جزء من نظام الإسلام، ووسيلة هامة من الوسائل الأزمة لصون هذا الدين، وتنفيذ أو أمره، واجتناب نواهيه.
فالشخص الذي يكون في رأس الحكومة يجب ان يتحلى بصفات دينية عالية، فلا يكفي ان يكون مسلماً في الإسلام فحسب، ولكنه يجب ان يكون كذلك عادلا بمعنى الكلمة التي اصطلحت عند الفقهاء بوصف عال من الصلاح والتقوى، وأن يكون عالما بعلم يتوصل به إلى معرفة الاحكام والنوازل، لأنه لا يصل إلى الأهداف إلا من يعلمها ويؤمن بها ويعمل نحوها ولا يقوم أمر الدين إلا بيد من يليق به. وركز الإسلام في ولاية من يتصف بالصلاح والتقوى وطاعته. فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(سورة المائدة: 55 ).
وقال تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾(سورة الشعراء: 151 ـ 152).
ـ(113)ـ
ومقدمة كل وصية أوصى بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ولأنه تقوى الله، لأنه أساس الإسلام وقيمة الإنسان عند الله عز وجل. ومتى صلح دين المسؤولين في الحكومة صلح الناس، لأنهم على دين رؤسائهم وملوكهم.
فإن إسلامية الحكومة ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لغرائض الإسلام غير متجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه، ولهذا وضع العلماء في جميع المذاهب المعتبرة الشروط الدينية من الدين والعلم به والتخلق بآدابه في أوائلها قبل الشروط الأخرى.
ومن إقامة الدين تطبيق شريعته كافة من الأمور العينية التي تجب على كل مسلم ومسلمة إلى أمور المجتمع الداخلي كإقامة أحكام المعاملات كأداب التجارة والصناعة والزراعة وغيرها وتحريم المحرمات كالربا والغش والرشوة وغيرها إلى إقامة القصاص والحدود والتعزير في صيانة الدين والنفس والعقل والمرؤة والمال، وكذلك أمور المجتمع الدولي من أحكام الحرب والسلام والعلاقات الدولية التي تعني بهذه الأمور كلها الشريعة الإسلامية الكاملة المتكاملة.
ولقد رأينا بأم أعيننا كم من فساد في العقيدة والأخلاق والسياسة والاقتصاد في البلدان الإسلامية التي تحكمها القوانين الوضعية والحلول المستوردة التي جنت على امتنا، وقرأنا الفرق الشاسع بين تاريخنا الماضي في عهد الخلافة الإسلامية مهما ظلم بعض حكامها بالمقارنة بينها وبين سيطرة العلمانية على بلاد المسلمين، واستقلالها من الاستعمار الأجنبي فنموذج تركيا في العهد العثماني وتركيا في عهد اتاتورك يذكرنا إلى وجوب الرجوع إلى الإسلام ليظهره على الدين كله.
ويجب أحياء علوم الدين وعلوم ضروريات الدنيا وحوائجها بالتعليم والتعلم والعمل على أساس الإيمان، فالآيات الأولى التي أنزلها الله على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم:
ـ(114)ـ
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾(سورة العلق: 1ـ 2).
أكبر براهين على وجوب حفظ الدين وإقامته بالعلم على مبدأ الإيمان، ولا يكفي العلم عند حدود جمع المعلومات من الدين والنظر إلى الدنيا لتشجيع الكفر والإلحاد كد أب المستشرقين الذين ختم الله على قلوبهم، والماديين الذين جعلوا علومهم اكبر من عقولهم. فلينتبه المعنيون في التربية والتعليم في بلادنا إلى هذا الفرق بيننا وبين غيرنا في بناء المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية والتربوية. ويجب أن ندافع عن الحوزات العلمية التي هي الحصون المتينة في إقامة الدين والدفاع عنه ونطور مدارسنا وجامعاتنا لتكون مثلها أو مصانع للرجال الذين يصلون إلى أهدافنا في نشر العلم الذي يدعو إلى الإيمان وإقامة الدين وسياسة الدنيا به.
ومن أهداف الحكومة الإسلامية في إقامة الدين دعوة الناس كافة إلى الإسلام، وهذا يوجب تبليغه للعالم كله بكل لغة ولسان وذلك يكون بعرضه عرضا صحيحاً يبين أحكامه وتعاليمه وأسراره وينفي ما علق به على مر القرون مما ليس منه كالخلافات المذهبية في الأمور الفرعية التي ليست من المبادئ الأساسية من هذا الدين.
فالله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلم
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾(سورة المائدة: 67).
وقال تعالى: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(سورة النحل: 44).
وقد قام الرسول o هو وأصحابه بما ينبغي عليهم في هذا السبيل كما تتابع أنفار وأنفار من رجالات الإسلام حتى أن التجار الذين يمخرون البحار يحملون الدعوة قبل بضائعهم التجارية بعد مغادرتهم الموانئ التي يحكمها الإسلام فانتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا كان بهذا الأسلوب.
ـ(115)ـ
فالدعوة من واجب الحكومة حيث تقوم بأبرز خصائصها في داخل البلاد وخارجها بكل الوسائل الموجودة وتسهيلاتها وحمايتها. ومصلحة الدعوة وحمل الرسالة إلى الناس كافة قبل المصالح الأخرى التي هي مدعمة للدعوة ومسهلة لها.
ويجب كذلك على الحكومة الإسلامية أداء فرض الجهاد للدفاع عن الدعوة وحمايتها من الأعداء الذين يتربصون بهم من كل جانب. وأعداد العدة الكافية على كل استطاعتها ولا يجوز إخفاء استطاعتها في البنوك الداخلية والأجنبية لقولـه تعالى ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾(سورة الأنفال: 60)
وهذا من إقامة الدين ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون والكافرون، لأن الإسلام وحده يحقق العدالة، ويرجع الحقوق إلى أهلها ما لم تناله الأديان والنظريات والأيديولوجيات. وهذا أيضاً من دعوة الناس إلى عبادة الله وإخراجهم من عبادة العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وليس الجهاد كالاستعمار والاستعباد.
ويجب على الحكومة الإسلامية في إقامة الدين منع من يريد الخروج من الدين خروجا بيناً أو لا يقر بشيء من تعاليم الدين. كما قام أبو بكر في حرب الردة وإنكار الزكاة. ورأى حربهم أمراً ضروريا. وهذا لمواجهة الدرة الجماعية. وكذلك لمنع الردة الفردية بتطبيق حكم الله على حسب ما قرره العلماء جميع المذاهب وليس من باب منع حرية الأديان فالإسلام يمنع الإكراه في الدين، ولكنه يجب حفظ العقيدة الإسلامية من التلاعب والتساهل، وللعقيدة الإسلامية مكانة عظيمة تجب حمايتها من قبل الفرد والمجتمع والحكومة على سواء، وكذلك الإسلام لا يفصل بين الدين والحكومة. ولك من دخل الإسلام يعرفها قبل إسلامه.
ـ(116)ـ
ومن واجب الحكومة في إقامة الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما من دعائم الحكومة، وذلك بالشروط والطرق المقررة شرعا للقائمين بها. وفي الأصل من فرض الكفاية ولكنها فرض عيّن على رئيس الحكومة والولاة الرسميين لأنهم القادرون على القيام به بأيديهم وهو أقوى إيماناً من الألسنة والقلوب كما قرره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فأن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان.(متفق عليه).
ولا يصلح ان يكون القائمون بأمر المسلمين من ضعفاء الإيمان الذين لا يقدرون على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأما على غيرهم ففرض كفاية. وعلى هذا الأمر يتوقف فلاح الأمة لقولـه تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(سورة آل عمران: 104).
وقولـه صلّى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف أو لتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله ان يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم(رواه الترمذي).
ومن حاجة الناس في حياتهم الحكومة العادلة، فالإسلام كفيل لهذه الحكومة لتحقيق مصالح الناس في كل زمان ومكان. وحماية مصالح العباد والبلاد. وعماد ذلك:
أولاً: كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل ولا يعرض للنقص والعجز. وهو الأعلى في دستور الحكومة فقرر العدل ﴿... وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ...﴾(سورة آل عمران: 58). وقرر الأحكام العادلة المنصوصة القطعية في مالا يتغير بتطور الزمان والمكان، ولا يقدر الإنسان مهما بلغ علمه وعقله لتحديد أحكامه الصحيحة العادلة. وأما في ما أذن الله للناس في إطار علمهم الدنيوي وتجاربهم في الحياة فحدد المبادئ
ـ(117)ـ
العامة كالشورى والإدارات العامة في أمور الدولة، أو سكت عنه وإذن لهم في دراسته وتنفيذه على حسب المصالح المقررة شرعا.
وثانياً: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم المعصوم بحماية الله وتربيته، فسنته مروية على شروط قررها العلماء الصالحون الأمناء بعلمهم، وهو المفسر الحي لإقامة العدل في تطبيق كتاب الله عز وجل تحت عناية الله سبحانه وتعالى وهدايته.
وثالثا: المصادر الإسلامية الكثيرة التي تبين الآيات والأحكام في إقامة العدل الذي هو من صفات الإسلام وحكومته في تحقيق مصالح الناس ورفع الضرر عنهم. كتطبيق القصاص والحدود والتعزيز بالشروط الواجبة في القضاء والشهادة والإقرار وغيرها من الأحكام.
وإذا قيل لنا: لماذا اضطرت بعض الحكومات في العالم الإسلام بأخذ القوانين الوضعية، فحدث ما حدث من سوء عاقبتها. فأجيب: أن هذا ليس منشؤه قصور الإسلام ولكن تقصير المسلمين حكامهم ومحكوميهم في دينهم.
ومن برنامج الحكومة الإسلامية الدينية وحدة المسلمين على أساس الدين، لأن الحكومة الإسلامية الأولى التي أقامها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم استطاعت السيطرة على زمام الأمور في المدينة المنورة بنجاحها في نشر الاخوة الإسلامية بين المسلمين رغم أن غير المسلمين من اليهود والمشركين العرب أغلبية، ولكنهم مشتتون. فالوحدة الإسلامية التي بناها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم تجعل المسلمين في مركز القوة. فلابد من وجود مثل هذه القوة بين المسلمين كبرنامج عملي لهدف الحكومة الإسلامية في كل زمان ومكان.
المرافق الدينية:
ولما كانت إقامة الدين أول هدف للحكومة الإسلامية فإن المنشآت والمؤسسات
ـ(118)ـ
المتعلقة بها تحتل المكان الأولى في المرفقية الإسلامية.
المساجد والجوامع:
فأهم مرافق الدين هي المساجد والجوامع، ولابد لها من يقوم بوظيفتها وتدبيرها وتخطيطها وتعميرها بنشاطات تبني دين الأمة في العبادة والتربية والتعليم وتدبير الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وللمساجد وظائف مرفقية هامة، إلى جانب وظائفها الروحية والسياسية. فهي من الناحية السياسية تقابل الوحدات الشعبية التي تقوم بالعمل السياسي. فالمساجد والجوامع تغطي جميع أجزاء القاعدة الشعبية الإسلامية لانتشارها في القرى وإحياء المدن وأماكن العمل وغيرها، إذ أن المسلمين يقيمون المساجد أينما كانوا لأداء الفرائض الخمسة.
وفي المساجد يتعارف معتاد وارتيادها، ويتصلون بصلة حقيقية من المحبة واخوة الروح وفي هذا الجو يمكن ان يتحقق ما يدعو إليه الإسلام من ان المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. كما ان الحاكم والمحكوم يلتقيان في المسجد ويتجاوران في الصلاة، وبذلك تنشأ صلات التضامن الاجتماعي وإمكانيات تنفيذه الفعلي.
وفي صلاة الجمعة يجتمع المصلون ببعض المساجد بالجامع الكبير الذي تعقد فيه صلاة الجمعة، ويستمعون إلى خطبة الجمعة التي تتضمن فيها البيانات الدينية والسياسية والتطورات في الداخل والخارج التي تمس بالإسلام والمسلمين.
وفي المساجد نشاطات أخرى لتحرك المسلمين بدينهم في المجالات المختلفة. ولهذا جعل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم عندما وصل المدينة المنورة بناء المسجد النبوي من المشاريع الأولى للحكومة الإسلامية.
ـ(119)ـ
ويعتبر الحج مرفقا دينيا من طراز آخر حيث يتعلق به الإجراءات المختلفة من المواصلات والأمن والصحة والتسهيلات المتعلقة به، وأهمها أنه مؤتمر اسلامي كبير يجب أن يعقد كل عام لتجديد وعي المسلمين في رسالتهم الجامعة لاعلاء دين الله في الأرض بإقامة التوحيد لله وحده وإزالة الشرك وتحقيق الوحدة الإسلامية الجامعة. وكل هذا يتضمن في إحياء مشاعر الحج وما يشهده الحجاج من منافع لهم.
المراكز العلمية والتربوية:
يجب على الحكومة الاهتمام بالمراكز العلمية كالمدارس والحوزات العلمية، لأن العلم والتعليم يتصل بغرض إقامة الدين، لأن ضرورة الدين وحاجة الإنسان إليه أشد من ضرورة حفظ الضروريات الأخرى في الحياة والعلم والتربية أهم وسائل تحقيق التطبيق العملي للدين وإنشاء البيئة الإسلامية وتثبيت دعائمها.
سياسة الدنيا بالدين:
لا فصل بين الدين والسياسة في الإسلام، ولهذا يأخذ الإسلام كل دور يتعلق بسياسة الدنيا من إطار داخلي إلى إطار دولي. وكل من راجع النصوص المقروءة الصريحة والمؤرخة في تاريخنا الذهبي يلتقي بالمصادر الغنية الوافرة في الأمور السياسية. فاهتم الإسلام بالسياسة ابتداء من اعداد الأرض التي يحكم فيها، إلى اعداد الرجال الذين يحكمون عليها وتربية المحكومين فيها وكل المصادر الروحية والمادية المتعلقة بها.
لقد اختار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم المدينة المنورة بالهجرة وترك مكة الحبيبة وأهلها والأحباء، لأن المدينة أرض صالحة لبناء الحكومة قبل مكة. فاجتمع المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم فيها حول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم في تأسيس
ـ(120)ـ
الحكومة الأولى في العهد المحمدي. ولاشك ان للمدينة مميزات تجعلها أولى من غيرها لإقامة الحكومة.
فلابد من ان يسوس الدين هذه الدنيا، ويرث هذه الأرض من يقوم بأمره، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾(سورة الأنبياء: 105).
وقال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾(سورة القصص: 5).
فحدد الإسلام الشروط الدنيوية لأمام الحكومة بشروطه الدنيوية بالإضافة إلى الشروط الدينية التي ذكرتها سابقاً. فمنها ان يكون عالما بالنوازل والأحكام ومجتهدا وذا رأي في تدبير أمور الدولة وسياسة الرعية وسليم الحواس، ليكون قادرا على سياسة الدنيا بالدين.
فإنما استطاعت الشريعة الإسلامية أن تسوس الأمور الدنيوية، وان تفى بحاجات كل مجتمعات وتطوراتها المحلية والدولية والزمنية، وان تعالج كافة القضايا والمشاكل بأعدل الحلول وأمثل الأحكام لأنها جمعت من المزايا والخصائص التي لم تتوفر لأي نظام في العالم وهذه المزايا هي:
1 ـ ربانية:
فإنها من رب العالمين الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه، وجعل لكل مخلوق نظاما وشريعة، وللناس وما يتعلق بهم حكما ومنهاجا. فإن الشريعة الإسلامية التي تحكم البلاد، وتسير عليها الحكومة الإسلامية ليست من وضع بشر يحكمه القصور والعجز والتأثر بمؤثرات المكان والزمان والحال وغيرها. فإنما هي أكمل شريعة وأتمها وأعدلها فقال تعالى: ﴿... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(سورة المائدة: 3).
ـ(121)ـ
وقال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾(سورة البقرة: 23).
وهدف هذه الشريعة الأول والأعلى هو ربط الناس وأمور دنياهم وأخراهم بالله تبارك وتعالى. ولم يحاسبوا عند الله في أمور العبادة فقط وإنما يحاسبون كذلك في أمور دنياهم وسوف يجمع الله يوم القيامة الأئمة واتباعهم. فقال تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾(سورة الإسراء: 71).
2 ـ إنسانية عالمية:
فإنها ذات صبغة إنسانية عالمية، فليست تشريعا لجنس خاص من البشر أو لإقليم معين من الأرض أو فترة محدودة من الزمان. وهي للناس جميعاً وصالحة لكل زمان ومكان وحال وعادلة مطلقة. ومحيطة بجميع القضايا الفردية والجماعية. ومشتملة على مطالب الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، ولا يريد الخير والسعادة في الدنيا والآخرة لأبنائها فحسب بل لسائر أمم الأرض وأجناسها وشعوبها، لا فرق بين من تقدم بهم الزمان أو تأخر، ولا بين القوي والضعيف والسيد والمسود ولا بين المسلمين وغير المسلمين. فهي ما لم تقدره النظم والأيديولوجيات التي انفضحت مساؤوها ولم تحقق أحلامها في عالم الواقع إلى يومنا هذا.
وأنها لا تعترف بالدكتاتورية التي تجعل الناس عبادا مقهورة في أيدي الحكام فقررت أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وليست كالديمقراطية الغربية التي تجعل صوت الأغلبية صوت الإله. ولكنها دعوة إلى إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة اله ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وأنها لا تعترف بالنظم والفلسفات التي تجعل من الفرد والمجتمع خصمين متصارعين بعضها يقرر أن تكون الغلبة للفرد كالنظام الرأسمالي والليبرالي وبعضها يقرر
ـ(122)ـ
إن تكون الغلبة للمجتمع كالنظام الشيوعي والاشتراكي، فكلاهما باطلان. لأنهما يتجاهلان فطرة الإنسان التي فطر الله عليها. فإن الله الذي أنزل الإسلام لا يقر هذا الصراع بين الفرد والمجتمع ولا يقر التعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع وعلى العكس، يرى ان النزعتين الفردية والجماعية متساندتان، لأن الإنسان أصيل في فرديته وجماعيته ويحتاج إليهما معا.
3 ـ الثبات والمرونة:
فالثبات في الأصول والأهداف والمرونة في الفروع والوسائل. فثباتها تسلم من الذوبان والميوعة والخضوع لتغيير غير سالم. ولا يجوز للحكومة ان تتلاعب بها. رغم انها تشعر بسلامة تدخل الرعية بسلطانها ولكنها لا تسلم من عقاب رب العالمين وعلاقتها بالذنوب التي تعاقب عليها يوم القيامة. وبمرونتها تستطيع ان تتكيف وتواجه التطورات، وتلائم كل وضع جديد.
وللعلماء حق الاجتهاد بشروطها لاستنباط الأحكام التي لا نص فيها. فهناك مسائل منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها وهي من الأمور القطعية حلالها وحرامها من الكتاب والسنة، ويجب على الحكومة الإسلامية الخضوع لها لقولـه تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِيناً﴾(الأحزاب: 36).
فمجال الاجتهاد في التشريع الإسلامي واسع جدا بل أكثر الأحكام الشرعية العملية. فهناك اجتهاد من النصوص الفرعية. وهناك اجتهاد فيما لا نص فيه.
فالأمور التعبدية في أحكام العبادات لا مجال للعقل في تكييفها، فلابد ان تكون أحكاما قطعية في كل زمان، وكانت خارجة من نطاق النقد. والأحكام المدنية قابلة للاجتهاد بحسب تطور المصالح والأحوال الاجتماعية، ولم يتوسع الشارع في بيانها،
ـ(123)ـ
واقتصر على بيان المبادئ والأحكام العامة غير متعرض لتفصيلاتها وجزئياتها التي تختلف باختلاف الأزمنة والبيئات والأحكام الجنائية اقتصرت نصوص القرآن والسنة على عقوبات القصاص، والحدود في ستة أمور لاخلاف فيها بين العلماء وهي السرقة، والحرابة، والزنا، وقذف المحصنات وشرب الخمر والردة ولم تتعرض النصوص لغيرها بل تركتها لاجتهاد أولي الأمر يقررون عقوباتها على ما يرونه زاجرا ورادعا. وكذلك الأحكام الدستورية والاجتماعية والمالية أكثرها عامة كالشورى بدون ذكر تفصيلها واعداد القوة في سياسة الدفاع والحرب، وتقسيم الأموال في الزكاة والغنائم والفئ بذكر الأصناف المستحقين بدون ذكر كيفية التقسيم وهكذا.
4 ـ السياسة الشرعية:
فمن أجل هذه المرونة في الشريعة الإسلامية نرى ان الحكومة الإسلامية الملتزمة بالإسلام ومن معها من أولى الأمر وأهل الحل والعقد أو أهل الشورى يجدون امامهم مجالاً واسعاً في باب السياسة الشرعية أي سياسة الأمة بالأحكام الشرعية بحيث تستطيع الحكومة المسلمة تحقيق كل مصلحة خالصة أو راجحة ودرء كل مفسدة خالصة أو غالبة وهي في ظل الشريعة السمحة لا تخرج عنها ولا تحتاج إلى غيرها. وهذه السياسة لا تجوز ان تعارض القواعد والنصوص فلا سياسة إلا ما وافق الشرع كما قال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وان لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي. فإن أردت بقولك إلا ما وافق الشرع. أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وان أردت إلا ما نطق به الشرع فغلط.
فمن أبواب السياسة الشرعية تشكيل الوزارات. وتنظيم الإدارات الحكومية، وتنظيم المحاكم في القضاء وترتيبها، والميزانية ومراقبتها، والتعزيز والردع في العقوبات وإسقاط بعض العقوبات أو إيقافها لأسباب شرعية وغيرها.
ـ(124)ـ
خاتمة:
ولأجل هذه المزايا تستطيع الشريعة الإسلامية ان تقدم للعالم تعاليمها في السياسة، والاقتصاد، والتربية والتعليم، والأمن والحرب والسلام وغيرها من الأمور التي لا تستطيع غيرها. فإن كل ما في الإسلام قد ثبت نجاحه في تاريخه. وأما الأيديولوجيات والنظريات والقوانين الوضعية فإنها سجلات الأحلام التي لا تطأ في عالم الواقع في البلدان التي صنعتها وهي تشكو من آلام الأمراض البشرية في انحراف العقيدة وظلم السياسة واستغلال الاقتصاد وفساد الخلق وانحراف في الإنسانية كلها.
والهدف النهائي للحكومة الإسلامية وهو حسن الختام لكل من يقوم بها، أول سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله يوم القيامة، وهو الإمام العادل في ميزان الله ولا يكون إلا في الحكومة الإسلامية التي تحكم بشريعة الله الحكم العدل العزيز الحكيم.
وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.