[46] ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض وقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة (1). ولعل الباحث لا يشك إذا وقف على هذه الروايات وأمثالها في أن رواية ابن عمر لا تقل عن فقاهته في الردائة، ومن هذا شأنه في الفقه والحديث لا يعبأ به وبرأيه ولا يوثق بحديثه. رأى ابن عمر في القتال والصلاة * (ومنها) *: أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 4: 110 ط ليدن عن ابن عمر أنه كان يقول: لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب. وقال ابن حجر في فتح الباري 13: 39: كان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة. وقال ابن كثير في تاريخه 9: 5: كان في مدة الفتنة لا يأتي أميرا إلا صلى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله. يترائا هاهنا من وراء ستر رقيق تترس ابن عمر بأغلوطته هذه عن سبة تقاعده عن حرب الجمل وصفين مع مولانا أمير المؤمنين، ذاهلا عن أن هذه جناية أخرى لا يغسل بها دنس ذلك الحوب الكبير، متى كانت تلكم الحروب فتنة حتى يتظاهر ابن عمر تجاهها بزهادة جامدة لاقتناص الدهماء ؟ والأمر كما قال حذيفة اليماني ذلك الصحابي العظيم: لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل (2) أو كان ابن عمر بمنتأى عن عرفان دينه ؟ أو كان على حد قوله تعالى: يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ؟ وهل كان ابن عمر لم يعرف من القرآن قوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا، إن الله يحب المقسطين (3) وقد أفحمه رجل عراقي بهذه الآية وحيره فلم يحر ابن عمر جوابا غير أنه تخلص منه بقوله: مالك ولذلك ؟ إنصرف عني. وسيوافيك تمام الحديث. هلا كان ابن عمر بان له الرشد من الغي، ولم يك يشخص الحق من الباطل ؟ ________________________________________ (1) صحيح البخاري 2: 239، صحيح مسلم 3: 52، 53. (2) فتح الباري 13: 40. (3) سورة الحجرات. آية 9. ________________________________________