[546] وجد النهي تحريما عنهما، والنهي عن الاعيان غير معقول فيحمل على ما هو المطلوب منه غالبا كما هو مقتضي الاصول، وهو الاستعمال مطلقا لافي الاكل ولا في الشرب للظاهر، ولانه أقرب إلى الحقيقة، فعلم مما عرفت عدم دليل على تحريم الاتخاذ للقنية أيضا كما هو مذهب الاكثر ولا تزيين المجالس والبيوت وغير ذلك لعدم ثبوت ما يصلح دليلا عليه مع الاصل ومثل " من حرم زينة الله " وحصر المحرمات في بعض الايات وعدم دخوله فيها. ثم قال رحمه الله: وبالجملة لو لا دعوى الاجماع، وعدم ظهور الخلاف والفرق لكان القول بكراهة استعمال الاواني حسنا لعدم دليل التحريم للفظ " كرههما " وعطف النهي عن المفضض المحمول على الكراهة على نهيها، مع أنه حسن، فالاجماع مع ظهور بعض الاخبار يدل على بعض تحريم مطلق الاستعمال والاحتياط مع بعض الاخبار أيضا يدل على تحريم القنية أيضا فلا يترك انتهى. وأقول: حمل النهي الوارد على الاعيان على مطلق الاستعمال أو الانتفاع محل نظر، بل يحتمل حمله على الانتفاع الغالب الشايع كالاكل والشرب هنا، والوطي في قوله تعالى: " حرمت عليكم امهاتكم " والاكل " في حرمت عليكم الميتة "، وأمثال ذلك كما أشرنا إليه سابقا. الثاني: اختلف الاصحاب في الاواني المفضض، فقال الشيخ في الخلاف: حكمها حكم الاواني المتخذة من الذهب والفضة، وقال في المبسوط: يجوز استعمالها لكن يجب عزل الفم عن موضع الفضة، واختاره العلامة رحمه الله وعامة المتأخرين قالوا: بالكراهة، وهو أقوى لصحيحة عبد الله بن سنان. احتج الشيخ على التحريم بحسنة الحلبي فان العطف يقتضي التساوي، وبرواية بريد لان المراد بالكراهة في الاول التحريم فيكون في الثاني كذلك تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه، واحترازا عن عموم الاشتراك والمجاز، ورواية عمرو بن أبى المقدام واجيب بأن لزوم مطلق التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه ممنوع، وخبر الحلبي محمول على الكراهة في المفضض، جمعا بينه وبين ما هو أقوى منه، ________________________________________