[523] على تحقق فناء الثلثين بحسب الوزن، وقبل أن يتحقق ذلك تكون الحال مشكوكا فيها لتعارص احتمالي الذهاب وعدم الذهاب بحسب اعتباري الصورة والحقيقة فلا ترتفع الحرمة اليقينية الحاصلة باصابة النار إلا بحصول الحلية اليقينية الموقوفة على تحقق الذهاب على الوجه المذكور. وفي ألفاظ الروايات إشارات لطيفة إلى هذا التحقيق مثل استعمال لفظ الباقي في مقابل الذاهب، فانه مشعر بأن المراد بالذهاب هناك هو الفناء والانفصال لاما يشمل الدخول والاندماج في قوام ساير الاجزاء، فان الذهاب بهذا المعنى لا ينافي البقاء في الجملة، ولعل ذكر بقاء الثلث بعد ذكر ذهاب الثلثين في أكثر الروايات - مع أنه بحسب الظاهر مستغنى عنه - لدفع هذا التوهم. ومثل استعمال لفظ الاوقية في رواية ابن أبي يعفور المتقدمة، فانها سواء كانت تمييزا أو مفعولا بحسب التركيب، تكون باعتبار أنها مفسرة بأربعين درهما أو سبعة مثاقيل كما عرفت، صريحة في الوزن بلا شائبة احتمال الكيل فيها، فتدل على أن المعيار هيهنا هو الوزن لا الكيل. ومثل استعمال لفظ الدوانيق في رواية ابن سنان فان الدانق في أصل وضعه عبارة عن سدس الدرهم الذي لا يجري فيه شائبة الكيل، خصوصا إذا كان المقصود به هناك أيضا معناه الحقيقي كما فهمه الشيخ رحمه الله حيث عبر عنه في النهاية بقوله: أو يذهب من كل درهم ثلاثة دوانيق ونصف، وأما الكيل الوارد في رواية عقبة بن خالد فيمكن حمله على الوزن المعروف فيه لا الكيل للجمع بينه وبين ساير الروايات. وأقول: يمكن أن يكون مخيرا في التقدير بهما توسعة على الناس كما هو المناسب للملة الحنيفية، لقلة التفاوت بينهما، وحصول الغرض الذي هو عدم التغير والفساد بالبقاء زمانا طويلا بكل منهما، كما أن الشارع خير في الكربين التقدير بالاشبار والارطال، وفي مسافة القصر بين مسير يوم والاميال، وفي الدية بين ألف دينار وعشرة آلاف درهم، مع حصول التفاوت الكثير في النسبة بينهما في اختلاف الازمان والاحوال، وهو أوفق للجمع بين الاخبار، ولعدم التعرض للتصريح ________________________________________