[ 56 ] عليه السلام هرب به ابوه من الملك الطاغى، فوضعته امه بين اثلاث (1) بشاطئ ء نهر يتدفق يقال له: حرزان (2)، بين غروب الشمس واقبال الليل، فلما وضعته واستقر على وجه الارض، قام من تحتها، يمسح وجهه وراسه، ويكثر من شهادة ان لا اله الا الله، ثم اخذ ثوبا فامتسح به، وامه تراه فذعرت منه ذعرا شديدا، ثم مضى يهرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء، فكان منه ما قال الله عزوجل: (وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل راى كوكبا قال هذا ربى) إلى قوله: (انى برئ مما تشركون) (3). وعلمتم ان موسى بن عمران عليه السلام كان فرعون في طلبه يبقر بطون النساء الحوامل، ويذبح الاطفال، ليقتل موسى عليه السلام، فلما ولدته امه، امرت ان تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت، وتلقى التابوت في اليم، فبقيت حيرانه حتى كلمها موسى عليه السلام، وقال لها: يا ام اقذفيني في التابوت، والقى التابوت في اليم. فقالت وهى ذعرة من كلامه: يا بنى انى اخاف عليك من الغرق، فقال لها: لا تحزني ان الله رادى (4) اليك، ففعلت ما امرت به، فبقى في التابوت (5) واليم إلى ان قذفه في الساحل، ورده إلى امه برمته (6)، لا يطعم طعاما، ولا يشرب شرابا، معصوما. وروى ان المدة كانت سبعين يوما، وروى سبعة اشهر. ________________________________________ 1) في المصدرين: اثلاث، يحتمل انه مصحف والصحيح ثلال (بكسر الثاء المثلثة) جمع الثلة (بفتح الثاء واللام المشددة) وهى ما اخرج من تراب البئر. 2) ليس جملة (يقال له حرزان) في المصدر. نعم هي في البحار. 3) الانعام: 75 - 76 - 78. 4) في البحار: يردنى. 5) في البحار: فبقى في اليم. 6) برمته: أي بجملته. ________________________________________