[ 71 ] الوضعيات كالطهارة والنجاسة، فلو غسل المتنجس بما يعين طاهرين يعلم اجمالا، بان احدهما ماء والاخر مضاف، طهر بلا اشكال. وكذلك العقود والايقاعات فلو اتى بانشائات متعددة يعلم اجمالا بصحة احدها يكفى في تحقق المنشا وان لم يتميز عنده السبب المؤثر. ولكن استشكل جمع من الفقهاء منهم الشيخ الاعظم الانصاري، في الاحتياط في العقود والايقاعات، اما مطلقا كما عن جماعة منهم، أو في خصوص ما إذا كان التردد من ناحية الشروط المقومة، كالزوجية بالنسبة الى الطلاق كما عن جماعة آخرين، واستندوا في ذلك الى انه مستلزم للاخلال بالجزم المعتبر في الانشاء: إذ الترديد ينافى الجزم، ولذا لا يصح التعليق في الانشاء، وعلى ذلك بنى الشهيد (ره) في محكى القواعد، الجزم ببطلان عقد النكاح، فيما لو زوج امرأة يشك في انها محرمة عليه فظهر حلها، وكذلك لو خالع امرأة أو طلقها وهو شاك في زوجيتها فانه باطل وان تبين كونها زوجة، وكذا لو ولى نائب الامام قاضيا لا يعلم اهليته وان ظهر كونه اهلا فانه لا يصير قاضيا. ولكن الاشكال المذكور لا يرجع الى محصل وذلك لانه في باب العقود والايقاعات امور، احدها الاعتبار النفساني من قبل المنشئ نفسه، الثاني السبب الذى يكون مظهرا لذلك الاعتبار النفساني، الثالث امضاء الشارع لذلك، والجزم انما يعتبر في الامر الاول، فلو كان المعتبر مرددا في اعتباره، ومعلقا اياه على امر مشكوك فيه كما لو قال وهبتك هذا المال ان كنت ابن زيد مثلا، أو ان جاء زيد، مع التردد فيه، لم يصح لانه مردد في اعتباره ولا يدرى تحققه لفرض تعليقه على امر مشكوك الحصول، وهذا هو الترديد المنافى لقصد الانشاء جزما، اجماعا، واما موارد الاحتياط في العقود والايقاعات فلا ترديد في الانشاء بمعنى الاعتبار النفساني، من قبل المنشئ، بل هو جازم به، غاية الامر انه تردد في ان السبب الممضى هو هذا أو ذاك. وعلى الجملة فالجزم المعتبر انما هو بمعنى عدم التردد في الاعتبار النفساني المبرز باللفظ، وهو متحقق في موارد الاحتياط في العقود والايقاعات التى هي محل الكلام، مثلا من ينشا النكاح بجميع محتملاته جازم في ذلك الاعتبار النفساني، والتردد ________________________________________