وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ظاهرة تداعي المعاني: كانت السوانح الفكريّة التي تدعى واردات القلوب، يمكن تفسيرها بظاهرة تداعي المعاني (الشيء يُذكر بالشيء)[151]. فقد ينسبق إلى أذهان أصحاب المعالي لطائف أفكار وظرائف أنظار، ولا منشأ لها سوى تلاوة آيات قرعت أسماعهم، وإذا بدقائق هي رقائق الفكر سنحت لهم بالمناسبة، ومن غير أن تكون مدلولة ذاتيّة للكلام ما عدى الفحوى العامّ. فكم من طرائف فكر وظرائف عبر تسنح أذهان ذوي الاعتبار، بمجرّد أن واجهوا حادثة أو شاهدوا واقعة أوقفتهم عند حدّها، وألزمتهم حجّتها، فأخذوا منها دروساً وعبراً، وهكذا عند استماع تلاوة أو قراءة آية ذكّرتهم مكارم أخلاق ومبادي آداب، كان كلّ ذلك من قبيل تداعي المعاني الخارج من دلالة اللفظ ذاته، بل الشيء قد يُذكر بالشيء حتى ولو كان ضدّه، فضلاً عمّا لو كان نظيره. مثلاً: عندما يستمع العارف السالك إلى قوله تعالى ـ خطاباً مع موسى وهارون ـ : (اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)[152]، ينسبق إلى ذهنه بادرة ضرورة تهذيب النفس، وارعوائها عن الطغيان والعصيان قبل كلّ شيء. فيخاطب نفسه: ما بالك أنت منشغلاً عن فرعنة نفسك الطاغية؟ فاذهب إليها، واجمع جموعك في تهذيبها وترويضها، ولاطف معها بلين، لعلّها تتّعظ وترعوي وترضخ لإرشادات العقل الحكيم. فهذا لم يفسّر القرآن ولا جعل فرعون مراداً به النفس الأمّارة بالسوء، ولا موسى