وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما كان هذا بعيداً عن الذكر، ولا كان دانياً من النسيان. ففاطمة بنت أسد، أُمّ علي، هي التي احتضنت محمد بن عبدالله، وآوته إلى حنانها منذ كفله عمّه أبو طالب، ورعته كأرفق ما تكون رعاية أُمّ، وأعظم ما يكون حبّها لابن لها، هو قطعة منها حملت به، ووضعته وأرضعته، ثم سهرت عليه الليالي الطويلة، حليفة جهد وصبر وقلق ورجاء، حتّى فتي فتوةً، وشبّ شباباً، وامتلأبالحياة، وملأ الحياة. كانت له أُمّاً هي الحَدَب[269] والحبّ، وهي الدفء والرفق، وهي العطف ونكران الذات. * * * ما كان أعظم ما يكنّه محمد لهذه السيدة الجليلة من إعظام! ما أبلغ ما حباها من المودّة وحسن الصحبة والولاء! كانت دائماً معه وله، كأنّما تسابق في إعزازه زوجها الكريم، كانت وعمه: كافله، يوليانه من حبّهما ملء قلبيهما الكبيرين، كانا يقدّمانه دائماً على أبنائهما الخلّص، حيثما وجب ـ في أعراف الناس، وناموس الأُمومة والأُبوّة ـ تقديم الأبناء. وها هو يعبّر عن مشاعره الرفيعة نحوها، فيضعها في «فاطمة» الصغيرة، لكأنّه كان يرى نفسه جزءاً من حياتها، أو يراها امتداداً في الماضي لحياته، لكأنّما ودّ لو أطبق عليها جنبيه، لكأنّها عدل قلبه! وهل شيء غيرها، سوى بنته الأثيرة، يعدل فؤاده؟ بل لا يدري أحد أبهذه التسمية كان الأب في محمد يكرم المولودة، أم الابن فيه كان يكرم السيدة العظيمة؟ لئن شطّ بعض الشطّ بينه وبين ابنة أسد المزار، لئن نأث[270] بعض النأي به الدار عن الدار، لئن أخذت أسرته الصغيرة من اهتمامه الكثير، أو أكثر الكثير، فلقد ظلّت