وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الرائقتين كأنّهما خطوط رشيقة من الظلال رسمها قلم عبقري، ومدّها لُمَع ذلك البرق يشعّ من وراء الجفون. لأنفها الأقنى شمم[262]، شمخ به إلى السماء. في شعرها الفاحم المسترسل السبط، ظلام الليل، وانسياب الماء، ونعومة النسيم. أنفاسها عبير. وعندما تطلّع إليها أبوها، كان كمن ينظر في مرآة، كانت بضعةً منه: بالدم، بالهيئة، باللون، بالقسمات، بالإجمال وبالتفصيل، كانت أشبه به إذ هو الأب الذي ولدها، وكان أشبه بها كأنّها الأم التي ولدته! كانته وهو صغير، كانت هو، وكان هي. ولم يكن تماثلهما هذا صورة مرّت بخياله كصدىً لإحساسه العاطفي نحو الوليدة، بل قد كان تعبيراً صادقاً على لسان الحال، لا يخفى عن لمح النظرة الخاطفة، ولا ينبو[263] به التمعّن المستأنى فضلاً عن اندفاق الشعور الفيّاض. * * * ليس وحده من رأى هذا التشاكل الذي يذهب في التطابق إلى حدّ التوحّد والانفراد، كلّ من في الدار امتلأت عيونهم بالتشابه العجيب: أُم أيمن حاضنته، لحظته منذ لحظة الميلاد، زيد مولاه رآه رأي يقين، خديجة أخذ منها البصر والفؤاد، فازدهاها الفرح والفخر أن شهدت في صغيرتها زوجها الحبيب، ربيبهما الطفل «علي» لم يفته التماثل المثير. بل الأولى أن يكون الشبه على هذا النحو المتميّز، قد حرّك من مكامن الدهشة في نفسه ما جعله يقلّب البصر بين ابن عمه وبين الصغيرة، لا يكاد يردّ عنهما عينيه، كأنّما ينظر فيمعن في اجتلاء هو التأمّل، وفي تساؤل ينضح بالحيرة.