وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لقد كان أقدر على تفهّم طبيعة أبي بكر، وأعلم بأنّه لا يعود فيما اعتزم وأبرم، فلات حين مآب! لكنّه أحبّ ـ باستفسارها في تلكم الآونة ـ أن يسري عنها بعض التسرية، فيفسح لها في الكلام عسى أن تنفّس من خلاله عن همّها الحبيس. وسمعها تميل عليه بالخطاب، أخذت تعاتبه من قلب منفطور، ملؤه أحزان نابغيه الألم، بعبارات حرّى، تشتعل في ألفاظها الحروف، لكنّ عتابها ذاك الذي راحت تبثّه إيّاه، كان عتاب وامق مشفق، ليس لوم لائم زار، ولا تثريب قال غضوب. قالت له وكأنّ حديثها بكاء: «أضرعت خدّك يوم أضعت جدك، ما كففت قائلاً ولا أغنيت طائلاً ليتني متّ قبل هنيئتي ودون ذلّتي! عذيري الله منه عادياً، ومنك حاميا! ويلاي في كلّ شارق، ويلاي في كلّ غارب، مات العمد ووهن العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربّي ...». * * * كانت كلماتها العاتبة تتساقط من شفتيها كقطرات دموع. ومع ذلك فقد كانت تعلم أنّ زوجها فوق هذا العتاب، وكلّ عتاب. ولئن كانت الخلافة فاتته لحظة أن قبض يده عن بيعة العباس وأبي سفيان يوم توفّي رسول الله، فالقبض كان هو الأحرى به في ذلك المقام ... أم كان يدع جثمان الرسول لم يجهّزه لرحلته الأخيرة، ثم ينازع الناس تراثه وسلطانه؟ أم كان يقبل أن يُبايَع من وراء أظهر المسلمين، فتكون البيعة من خلف رتاج؟ بل كان واثقاً أنّه الأولى بالخلافة، بلا منازع ولا نزاع ... وأنّ الإمرة له لا محالة، سارع فصفّق على يدي شيخي قريش أو استأخر إلى حين ... وأنّ حقّه فيها يقين من يقين، ليس فقط بحكم قرابته من حامل الرسالة، بل فوق هذا وقبله بحكم