وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمقابلة بين فاطمة والرسول لا تخفي عنّا آثار هذا التطوّر والانتقال. وأول ما يتبدّى لنا في فاطمة من ملامح خلائقها ومعالمها النفسية الموروثة: تلك القوة الإيمانية الجبّارة التي أمدّتها بيقين صابر عنيد، يساند الحقّ، ويلزم سمته، ويواكب مسيرته مهما اعترضتها العقبات، وحالت الحوائل، وتألّبت[1573] عليها الخصومات. وهل أظهر صورة للعناد في نصرة الحقّ، والصبر على مكاره طريقه من أن تقف قريش بقضّه وقضيضها[1574]، بخيلها ورجلها، بمالها وسطوتها في وجه محمد، فلا تستطيع أن توهن عزمه أوتردّه خطوة إلى الوراء؟ واعدته الثراء والملك، وتوعّدته العذاب والهلك ليطرح عنه الأمر الذي جاءها به، ودعاها إليه، فلم تلن قناته، ولم يأبه فتيلاً بالوعد أو الوعيد، بالسلطان أو الموت، وإنّما ثبت حيث هو، وقال بكلّ الثقة والإصرار: «والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر أو أهلك دونه ما تركته»[1575]. وتكشف القوة الإيمانية في الزهراء عن معدن نقيٍّ كالذهب، صلب كالفولاذ، هو عماد شخصية مستقلّة منفردة، لا تخضع لعنف، ولا تُوخذ بلين، ثم لا يغفل لها قدر ولا يهمل حساب. ولئن كان ميراث هذه القوة قد انتهى إليها من خلال أب وأُمٍّ هما مَثَلان فريدان في الآباء والأمهات فلقد يغني هنا أن يقال: إنّ ميراثها من أبيها يغطّي كلّ ميراث . إرث إيماني، ثريّ بلا حدود، هو ملء الأرضين وملء السماوات، انتقل من أب هو أعظم من ارتقى بالعقيدة في ذهن الإنسان إلى أعلى درجة من درجات الربوبية