وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يورث، ولانّه لم يترك، فإنّه لم يوص; لأنّ الوصية لا تكون إلاَّ في ملك يمين، وقد صفرت يداه! ما ترك بيضاء ولا صفراء! كلّ ما كان يملكه قد سبق أجله بسنين أو بشهور أو بأيام إلى مجال العدمية والانتفاء. حتّى الدرهم لم يكن له في جرابه مكان! ألم تقل عائشة نفسها عندما سُئلت عن ميراث الرسول: ما ترك رسول الله ديناراً ولا درهماً ... قالت ذلك على سبيل القطع، لا على سبيل الاحتمال؟ ألم يتّجه باهتمامه كله ـ وروحه قد بلغت الحلقوم ـ إلى تلك الدنانير الزهيدة قيمةً، فأمر أكثر من مرّة أن يخرجوها من ملكه، ويتصدّقوا بها، ليلقى ربّه وكفّاه نظيفتان من كلّ مقتنىً مملوك؟ إنّ الذي يُلفته لحظة النزع ذلك القليل الضئيل الذي يملكه، فيعني نفسه بالتخلّص منه كأنّما ليغتسل من درن، لأولى بان يلفته الكثير الوفير لو قد كان في ملكه ما يُحسب ـ نسبياً ـ بالوفرة أو الكثرة، بالقياس إلى هذا القدر التافه من «النقود». ثم لأولى به أن يتصدّق بكلّ ما تصل قيمته ـ صعوداً ـ إلى الدرهم إذا أخذنا في الاعتبار قول عائشة الذي يدلّنا لفظه ومفهومه أنّه لم يترك شيئاً ممّا يطلق عليه اسم المال. والدرهم ـ كما نعلم من عبارة السيدة ـ هو الحدّ الأعلى لم «لم يتركه» رسول الله ... ومن ثم فإنّ كلّ ما بلغ من مقتنياته عليه الصلاة والسلام قيمة الدرهم، حتى أن يدخل في نطاق انتفاء الوجود عند الوفاة. فإن نجد قائلاً يقول: إنّما يسري هذا على «العيون»، أو «المال السائل» كما نسمّيه الآن ... ثم يتسائل: فما الرأي في «المال الثابت» كالأراضي والضياع؟ وفي «المال الراعي» كالإبل والأغنام؟ عندئذ يقال: كلّها ينطبق عليه نفس الحدّ «العيني» المحدود. فلقد ذكروا ـ كما سلف البيان ـ أنّ عمرو بن الحارث، أخا جويرية أم المؤمنين، قال: ما ترك رسول الله عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة.